في دراسة جديدة ومثيرة، توصل فريق بحثي بقيادة البروفيسور غوستافو كايتانو-أنوليس إلى اكتشافات مذهلة حول أصل الشيفرة الوراثية وكيفية ارتباطها بتكوين البروتيوم، وهو مجموع البروتينات في الكائن الحي. تكشف هذه الدراسة كيف أن تسلسل الديبيبتيد، الذي يتكون من وحدتين من الأحماض الأمينية، له دور محوري في تطور الشيفرة الوراثية.
فهم العلاقات التطورية
يركز عمل كايتانو-أنوليس على دراسة العلاقات التطورية بين الجينومات المختلفة، وهو ما يُعرف بعلم الجينيوم التطوري. وسبق لفريقه البحثي أن أنشأ خرائط شجرية تطورية تُظهر تاريخ البروتينات ووحدات RNA الناقلة، التي تقوم بتوصيل الأحماض الأمينية إلى الريبوسوم أثناء تكوين البروتينات.
وفي هذه الدراسة، قام الفريق باستكشاف تطور تسلسلات الديبيبتيد ووجدوا أن تاريخ البروتينات، ووحدات RNA الناقلة، والديبيبتيدات كلها تتطابق، مما يشير إلى وجود نمط تطوري متسق عبر هذه المكونات.
أهمية الديبيبتيدات في الشيفرة الوراثية
توضح الدراسة أن البروتيوم كان الأنسب لحمل التاريخ المبكر للشيفرة الوراثية، حيث لعبت الديبيبتيدات دورًا هامًا كمكونات هيكلية أولية للبروتينات. من خلال تحليل مجموعة بيانات ضخمة تضم 4.3 مليار تسلسل ديبيبتيد عبر 1561 بروتيوم، تمكن الباحثون من إنشاء شجرة تطورية وزمنية لتطور الديبيبتيدات.
كذلك، وجد الفريق أن الديبيبتيدات لم تظهر كوحدات عشوائية، بل كعناصر هيكلية حيوية ساهمت في تشكيل طي البروتين ووظائفه، وهو ما يعكس أهمية هذه المكونات في تطوير الشيفرة الوراثية.
دور الأحماض الأمينية القديمة في الشيفرة الوراثية
في أبحاث سابقة، قام الباحثون ببناء شجرة تطورية لوحدات RNA الناقلة التي ساعدت في توفير جدول زمني لدخول الأحماض الأمينية في الشيفرة الوراثية. تم تقسيم الأحماض الأمينية إلى ثلاث مجموعات بناءً على زمن ظهورها، حيث ارتبطت المجموعتين الأولى والثانية ببداية تحرير الإنزيمات التصحيحية التي تحسن تحميل الأحماض الأمينية.
إضافة الديبيبتيدات إلى هذا التحليل أظهرت تزامنًا في ظهور أزواج الديبيبتيد والديبيبتيد المضاد، مما يعكس وجود نمط مزدوج في الشيفرة الوراثية.
الخاتمة
تكشف هذه الدراسة عن جذور تطورية عميقة للشيفرة الوراثية، مما يعزز فهمنا لأصل الحياة. يمكن أن يُؤثر هذا الفهم في مجالات مثل الهندسة الوراثية والبيولوجيا التركيبية والأبحاث الطبية الحيوية. يبرز البحث أهمية النظر إلى مكونات وعمليات بيولوجية قديمة لفهم مقاومتها للتغيير، مما يسهل إجراء تعديلات ذات معنى في المستقبل.


