تتزايد أهمية المعادن الحرجة مثل الكوبالت والليثيوم في ظل التحول العالمي نحو الطاقة المتجددة والتكنولوجيا المتقدمة. ومع ذلك، هناك تحديات كبيرة تواجه استرداد هذه المعادن بكفاءة، حيث تُعتبر حالياً منتجات ثانوية تُهدر في مخلفات التعدين للمعادن الأخرى مثل الذهب والزنك. في هذا المقال، سنستعرض دراسة حديثة تقترح حلولاً محتملة لهذه المشكلة.
التحديات في استرداد المعادن الحرجة
تُعتبر عملية استرداد المعادن الحرجة من مخلفات التعدين قضية معقدة، شُبهت بإزالة الملح من عجين الخبز. يتطلب الأمر إجراء بحوث وتطوير مكثف لإيجاد طرق اقتصادية لاسترداد هذه المعادن. على الرغم من كونها عناصر صغيرة في التركيب المعدني، إلا أن الطلب المتزايد عليها في الصناعات الحديثة يجعل من الضروري تطوير تقنيات جديدة لاستردادها.
تُشير الدراسة التي قادتها البروفيسورة إليزابيث هولي إلى أن المشكلة ليست فقط تقنية، بل هي أيضاً تتعلق بالسياسات والتحفيزات الاقتصادية. إذ تحتاج شركات التعدين إلى حوافز لتشجيعها على الاستثمار في البنية التحتية اللازمة لاسترداد هذه العناصر، والتي قد لا تكون ذات قيمة سوقية كافية لتشجيع الاستثمار من تلقاء نفسها.
المنهجية المستخدمة في الدراسة
أجرى فريق البحث برئاسة هولي تحليلًا شاملاً باستخدام قاعدة بيانات للإنتاج السنوي من المناجم المعدنية الأمريكية المرخصة فدرالياً. تم استخدام تقنيات إحصائية لإعادة أخذ العينات وربط هذه البيانات مع تراكيز المعادن الحرجة في الخامات، كما هو موثق من قبل هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية والهيئات الجيوعلمية الأخرى.
أظهرت النتائج إمكانية تقدير كميات المعادن الحرجة التي تُستخرج سنوياً ولكن لا تُسترد. بدلاً من استغلال هذه الموارد القيمة، تُهدر كفضلات، مما يستدعي الحاجة إلى تخزينها ومراقبتها لمنع التلوث البيئي.
الفوائد الاقتصادية والبيئية للاسترداد
تُظهر الدراسة أن استرداد حتى نسبة صغيرة من هذه المعادن يمكن أن يلعب دوراً مهماً في تقليل الاعتماد على الواردات. على سبيل المثال، يُعتبر الكوبالت، المكون الأساسي في بطاريات السيارات الكهربائية، منتجاً ثانوياً لتعدين النيكل والنحاس. استرداد أقل من 10% من الكوبالت غير المسترد حاليًا يمكن أن يلبي احتياجات السوق الأمريكي بالكامل.
من الناحية البيئية، تقليل كمية المخلفات المعدنية من خلال استرداد هذه العناصر يمكن أن يقلل من الأثر البيئي الناجم عن تراكم المخلفات المعدنية، ويفتح فرصاً جديدة لإعادة الاستخدام في صناعات أخرى مثل البناء.
الحاجة إلى سياسات وتكنولوجيا جديدة
تؤكد هولي وفريقها على أهمية إجراء تحليلات دقيقة للمواقع التي تحتوي على هذه الموارد غير المستردة. بالإضافة إلى اختبار التقنيات المناسبة لاسترداد العناصر من المعادن المحددة. تحتاج السياسات إلى التطوير لتشجيع مشغلي المناجم على دمج البنية التحتية المطلوبة لمعالجة هذه العناصر الإضافية.
شارك في كتابة الورقة العلمية فريق متعدد التخصصات، مما يعكس أهمية التعاون بين الجيولوجيا، الرياضيات التطبيقية، الاقتصاد، والهندسة التعدينية في مواجهة هذا التحدي.
الخاتمة
من الواضح أن استرداد المعادن الحرجة من المخلفات المعدنية يمثل فرصة اقتصادية وبيئية هائلة. ومع ذلك، لتحقيق الاستفادة الكاملة من هذه الفرصة، يتطلب الأمر تعاوناً بين الأوساط الأكاديمية والصناعية وصانعي السياسات. من خلال الاستثمار في البحث والتطوير وتبني سياسات تحفيزية، يمكننا تحقيق تقدم ملموس في هذا المجال وتحقيق توازن بين النمو الاقتصادي وحماية البيئة.


