شهد نصف الكرة الشمالي صيفًا غير مسبوق في السنوات 2023، 2024، و2025، حيث تم تسجيلها كأكثر السنوات حرارة في التاريخ الحديث. أعلنت وكالات المناخ في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة أن هذه الحمى الصيفية القياسية كانت نتيجة مباشرة لتغير المناخ الناجم عن الأنشطة البشرية. هذا التغير لا يرفع فقط متوسط درجات الحرارة العالمية ولكنه أيضًا يزيد من تكرار موجات الحرارة القاتلة.
ارتفاع درجات الحرارة القياسية
وفقًا لخدمة التغير المناخي في كوبرنيكوس التابعة للاتحاد الأوروبي، كان صيف عام 2025 ثالث أعلى صيف حرارة مسجل، حيث كانت درجة الحرارة العالمية أعلى بمقدار 0.47 درجة مئوية عن متوسط درجات الحرارة في الفترة من 1991 إلى 2000. أما في الولايات المتحدة، فقد صنفت الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA) صيف نصف الكرة الشمالي الأخير كثالث أكثر صيف حرارة في تاريخها الممتد لـ176 عامًا، حيث كانت درجات الحرارة أعلى بمقدار 1.02 درجة مئوية من متوسط القرن العشرين.
تؤكد هذه الإحصاءات على مدى تأثير تغير المناخ على درجات الحرارة العالمية، حيث أن هذه الحرارة غير المسبوقة كانت مدفوعة بشكل رئيسي بالتغيرات المناخية الناجمة عن الإنسان.
تأثيرات على الصحة العامة
أظهرت دراسة جديدة أن تغير المناخ قد ضاعف تقريبًا عدد الوفيات الناتجة عن الحرارة في المدن الأوروبية خلال صيف هذا العام. ووفقًا لبحث قاده علماء من إمبريال كوليدج لندن ومدرسة لندن للصحة وطب المناطق الحارة، فإن 68% من الوفيات المرتبطة بالحرارة في 854 منطقة حضرية كانت ناتجة عن تغير المناخ.
يؤكد الباحثون أن هذه الأرقام قد تكون محافظة لأنها تغطي فقط 30% من سكان أوروبا ولا تشمل مناطق أخرى، مما يشير إلى أن الأثر الحقيقي لتغير المناخ على الصحة العامة قد يكون أكبر بكثير.
تحديات التغير المناخي والمستقبل
يعد ارتفاع درجات الحرارة وموجات الحرارة المستمرة تحديًا عالميًا يتطلب استجابة فورية. في الولايات المتحدة، تضاعف عدد موجات الحرارة الصيفية من متوسط مرتين في الستينيات إلى أكثر من ست مرات اليوم. كما أن هذه الموجات أصبحت أطول وتستمر لفترة أطول، مما يزيد من تحديات الصحة العامة.
تشير الدراسات إلى أن الأطفال الذين ولدوا في عام 2020 سيواجهون سبع مرات من موجات الحرارة خلال حياتهم مقارنة بمن ولدوا في الستينيات، مما يعكس الحاجة الملحة لاتخاذ إجراءات للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة لمواجهة هذا التحدي.
الخاتمة
في الختام، من الواضح أن تغير المناخ يلعب دورًا كبيرًا في زيادة درجات الحرارة العالمية وموجات الحرارة القاتلة. الأبحاث والدراسات الحديثة تقدم أدلة قوية على أن النشاطات البشرية هي السبب الرئيسي وراء هذه الظواهر. يجب أن يكون هناك تعاون دولي وجهود مكثفة للحد من الانبعاثات الكربونية وللتكيف مع الظروف المناخية المتغيرة لحماية المجتمعات في جميع أنحاء العالم.


