تأثير النانو بلاستيك على وظائف الدماغ والطاقة

في السنوات الأخيرة، زادت المخاوف بشأن التأثيرات البيئية للنانو بلاستيك، وهي جزيئات صغيرة تتشكل عند تحلل البلاستيك في البيئة. توصل العلماء في كلية ترينيتي في دبلن إلى آلية تؤكد أن هذه الجزيئات قد تؤثر سلبًا على عمليات الطاقة في الدماغ، مما يثير تساؤلات حول ارتباطها بالأمراض العصبية التنكسية.

ما هي النانو بلاستيك وكيف تتشكل؟

النانو بلاستيك هي جزيئات بلاستيكية دقيقة تنشأ عندما تتحلل المواد البلاستيكية الأكبر في البيئة. يمكن لهذه الجزيئات أن تتسلل إلى عدة أعضاء في الجسم، بما في ذلك الدماغ، مما يثير القلق حول تأثيراتها المحتملة على الصحة العصبية.

تعتبر النانو بلاستيك أصغر من الميكرو بلاستيك وقد تم اكتشافها في أنسجة متعددة، مما يجعلها موضوع اهتمام متزايد للباحثين. تنتج هذه الجزيئات بشكل رئيسي من التحلل الطبيعي للبلاستيك في البيئة، وهي قادرة على التغلغل في الأنسجة البيولوجية بفضل حجمها الضئيل.

الآلية المكتشفة وتأثيرها على الدماغ

أجرى فريق من الباحثين بقيادة الدكتور جافين ديفي والطالب الجامعي ديفين سيوارد دراسة حول تأثيرات النانو بلاستيك على ميتوكوندريا الدماغ، والتي تعد بمثابة “محطات الطاقة” للخلايا. أظهرت النتائج أن التعرض لهذه الجزيئات يعطل سلسلة نقل الإلكترون، وهي سلسلة من البروتينات التي تعمل على توليد الطاقة في شكل ATP.

لم تتأثر المجمعات الميتوكوندرية الفردية I وII بشكل مباشر، ولكن تم تثبيط نقل الإلكترونات بين المجمعات I–III وII–III، مما أدى إلى تقليل إنتاج الطاقة. هذا التأثير يظهر حتى عند تركيزات أقل بكثير مما هو مقدر للتعرض البشري الحالي، مما يشير إلى أن التعرض البيئي المستمر يمكن أن يضعف الوظائف البيولوجية على المدى الطويل.

التأثيرات المحتملة على التعلم والذاكرة

بالإضافة إلى التأثيرات على الطاقة العامة للدماغ، وجد الباحثون أن نفس التأثيرات الواسعة تظهر في الميتوكوندريا المشبكية، والتي تعد ضرورية للتواصل بين خلايا الدماغ. هذا يشير إلى أن النانو بلاستيك يمكن أن يتدخل في المرونة المشبكية، وهي عملية أساسية للتعلم والذاكرة.

تعتبر المرونة المشبكية عملية جوهرية للتعلم والذاكرة، حيث تمكن الدماغ من الاستجابة بفعالية للتغيرات البيئية والمعلومات الجديدة. أي اضطراب في هذه العملية يمكن أن يكون له تأثيرات طويلة المدى على الوظائف المعرفية.

النانو بلاستيك كعامل خطر بيئي للأمراض العصبية

قال الدكتور جافين ديفي: “تزامن ارتفاع استخدام البلاستيك الصناعي في منتصف القرن العشرين مع زيادة التعرض العالمي للنانو بلاستيك، لذا فإن هذه الآلية المكتشفة حديثًا للتسمم العصبي الناتج عن النانو بلاستيك قد تساعد في تفسير سبب ارتفاع معدلات الأمراض التنكسية العصبية في العقود الأخيرة.”

تضيف النانو بلاستيك بعدًا بيئيًا لأسباب الأمراض التنكسية المعروفة، مثل العوامل الجينية ونمط الحياة. هذا الاكتشاف يؤكد الحاجة الملحة لفهم أفضل لتأثيرات التلوث البلاستيكي على الصحة البشرية.

الخاتمة

تسلط الدراسة الضوء على أهمية البحث في تأثيرات النانو بلاستيك على الصحة العامة، خاصة في ظل الارتفاع المستمر في إنتاج البلاستيك واستخدامه. كما تؤكد أن هذه الجزيئات الدقيقة قد تكون عاملًا خطرًا بيئيًا يساهم في تدهور وظائف الدماغ وظهور الأمراض العصبية التنكسية. من الضروري أن نواصل البحث لاستكشاف التأثيرات البيئية والصحية لهذه الجزيئات وكيفية الحد من انتشارها وتأثيرها على صحة الإنسان.

Scroll to Top