الوهم البصري: تجربة اليد المطاطية وتأثيرها على الأخطبوط

منذ فترة طويلة، كان يُعتقد أن الوهم البصري المعروف باسم “الوهم اليد المطاطية” يقتصر فقط على بعض الثدييات مثل البشر والفئران. ولكن دراسة حديثة نُشرت في مجلة Current Biology تُظهر أن أدمغة الأخطبوط يمكن خداعها بنفس الطريقة، مما يضيف بُعدًا جديدًا لما نعرفه عن حياة هذه الكائنات البحرية.

تجربة اليد المطاطية: نظرة عامة

تُعد تجربة اليد المطاطية واحدة من التجارب الكلاسيكية في مجال علم النفس التجريبي، حيث يتم إيهام المشارك بأن ذراعًا مزيفة موضوعة أمامه هي جزء من جسده. يقوم الدماغ بإدراك الإثارة الحسية التي تُطبق على الذراع المزيفة على أنها تُطبق على ذراعه الحقيقية، حتى وإن كانت الذراع الحقيقية مخفية خلف حاجز. عادةً، كان يُعتقد أن القدرة على الوقوع في مثل هذا الوهم تقتصر على بعض الحيوانات الثدية.

التجربة على الأخطبوط: آلية التنفيذ

بدأ العلماء بوضع أخطبوط في حوض مائي حيث يمكنه الاسترخاء على سطح ناعم يشبه قاع البحر. ثم قاموا بإدخال حاجز يغطي أحد أذرع الأخطبوط وتركوا ذراعًا مزيفة مرئية بدلاً منها. كان من المهم أن تبدو الذراع المطاطية مشابهه لذراع الأخطبوط الحقيقية نظرًا لأن الوهم لا يحدث إذا كانت اليد المزيفة مختلفة الشكل عن اليد الحقيقية.

في البداية، لم يُظهر الأخطبوط أي رد فعل عند لمس الذراع المزيفة بلطف، ولكن عند الإمساك بها بقوة باستخدام ملقط، أظهر استجابة دفاعية. وأشار المؤلف الرئيسي للدراسة، سومير كاواشيما، إلى أن التفاعل كان يعتمد على قوة التحفيز المستخدم.

نتائج الدراسة: فهم أفضل للأخطبوط

أظهرت الدراسة أن الأخطبوط قد يتعرض لنفس الوهم الذي نتعرض له كبشر، وهذا يشير إلى أن لديهم إحساسًا بملكية الجسد مثلنا. كانت جميع الأخطبوطات التي خضعت للاختبار قد استجابت للتحفيز على الذراع المزيفة بتغيير لون الجسم أو بمحاولات هروب. ولكن عندما حاول الباحثون استخدام طرق أخرى مثل التحفيز غير المتزامن، لم يظهر الأخطبوط أي استجابة.

تعتبر هذه النتائج مثيرة للاهتمام لأنها تفتح آفاقًا جديدة لفهم كيفية إدراك الأخطبوط لجسده وكيفية تفاعله مع العالم من حوله. ووفقًا ليزورو إيكيدا، أحد الباحثين المشاركين في الدراسة، فإن مثل هذا الإدراك يعتبر من القدرات المتقدمة للبشرية.

الخاتمة

تؤكد هذه الدراسة أن الأخطبوط يمتلك قدرة متقدمة على إدراك جسده والتفاعل مع البيئات المحيطة بناءً على هذا الإدراك. إن اكتشاف أن الأخطبوط يمكن أن يقع في نفس الوهم الذي يعيشه البشر يفتح المجال لمزيد من الأبحاث حول كيفية فهم هذه الكائنات البحرية الذكية لعالمها الداخلي والخارجي. يمكن أن يكون لهذه النتائج تأثيرات كبيرة على كيفية دراسة تفكير وسلوك الكائنات البحرية في المستقبل، مما يجعلنا نعيد النظر في التعقيدات العصبية لهذه الكائنات البحرية الرائعة.

Scroll to Top