في خطوة علمية غير مسبوقة، تم الكشف عن تفاصيل مذهلة حول الحمض النووي للفنان الشهير ليوناردو دا فينشي. هذا الاكتشاف جاء نتيجة لبحث دؤوب استمر لأكثر من ثلاثين عامًا، وتم توثيقه في كتاب جديد من تأليف أليساندرو فيزوسي وأجنيسي ساباتو بعنوان “جينيا دا فينشي: الأنساب والجينات للحمض النووي لليوناردو”. يقدم هذا الكتاب نتائج أبحاث جينية وأنسابية تكشف عن جذور عائلة دا فينشي وتفتح الأبواب لفهم أعمق حول هذا العبقري.
الأنساب والجينات: رحلة عبر الزمن
بدأت رحلة الاكتشاف بتحليل دقيق لمصادر تاريخية ووثائق أرشيفية، حيث تمكن الباحثون من إعادة بناء شجرة العائلة التي تمتد إلى القرن الرابع عشر. تشمل هذه الشجرة 21 جيلًا وأكثر من 400 فرد، مما يتيح دراسة دقيقة لتاريخ العائلة والجينات التي تنتقل عبر الأجيال.
تمكن الفريق من تحديد 15 سليلًا مباشرًا من خط الذكور المتصل بليوناردو عبر والده وأخيه غير الشقيق دومينيكو بينيديتو. هذا الاكتشاف مهد الطريق لإجراء اختبارات الحمض النووي التي أكدت استمرارية الكروموسوم Y عبر الأجيال.
التكنولوجيا والبحوث الأثرية
في إطار مشروع الحمض النووي لليوناردو، تم التنسيق مع مؤسسات علمية مثل جامعة فلورنسا وجامعة روكفلر في نيويورك. الهدف الأساسي هو تتبع الكروموسوم Y الذي ينتقل دون تغيير من الأب إلى الابن، مما يتيح مقارنة الحمض النووي الحالي مع الرفات القديمة.
في هذا السياق، كشفت عمليات التنقيب الأثري في كنيسة سانتا كروتشي في فينشي عن قطع عظمية يعتقد أنها تعود لأفراد من عائلة دا فينشي. ومن خلال تحليل هذه العينات، يسعى الباحثون لتأكيد الارتباط الجيني بأحفاد ليوناردو الأحياء.
التأثير الثقافي والفني
لا تقتصر الاكتشافات على الجانب العلمي فقط، بل تمتد لتشمل الفن والثقافة. أحد الاكتشافات المثيرة هو لوحة فنية عثر عليها في قصر قديم في فينشي، ويعتقد أنها قد تكون من أعمال ليوناردو نفسها، أطلق عليها اسم “تنين وحيد القرن”.
تتميز هذه اللوحة بعناصر أيقونية فريدة، مثل القرن الحلزوني والذيل الأفعواني، مما يثير تساؤلات حول تأثيرات ليوناردو الفنية والدراسات التي قام بها عن الطيران والحيوانات.
الحمض النووي والإبجينات
يقدم الكتاب أيضًا رؤى حول كيف كان ليوناردو قد استبق مفاهيم “الإبجينات” الحديثة، من خلال تأملاته حول تأثير الغذاء والسلوك الأبوي على الأبناء. هذه الأفكار تبرز عبقرية ليوناردو في استشراف العلاقات المعقدة بين البيئة والوراثة.
الخاتمة
في الختام، يمثل مشروع إعادة بناء الحمض النووي لليوناردو دا فينشي نقطة تحول في الفهم العلمي والتاريخي لهذا الفنان العظيم. يفتح هذا المشروع آفاقًا جديدة لفهم الجوانب البيولوجية والفنية لحياة ليوناردو، مما يعزز التقدير العالمي لإرثه الثقافي والعلمي. إن التقدم في هذا المجال لا يقدم فقط رؤى جديدة حول ماضي ليوناردو، بل يساهم أيضًا في إعادة تعريف حدود المعرفة التاريخية والتراث الثقافي.


