الكوريسين: مفتاح جديد لعلاج تليف الكلى السكري

تُعد مشكلة تليف الكلى الناتج عن السكري من القضايا الصحية الحرجة التي تواجه المجتمع الطبي في جميع أنحاء العالم. في دراسة حديثة نُشرت في مجلة Nature Communications، اكتشف الباحثون العامل الخفي وراء هذا التليف: الكوريسين، وهو ببتيد صغير تنتجه بكتيريا المكورات العنقودية في الأمعاء.

اكتشاف الكوريسين ودوره في تليف الكلى

قام فريق من العلماء بقيادة البروفيسور إسحاق كان والبروفيسور إستيبان جابازا من جامعة إلينوي وجامعة ميي على التوالي، بدراسة العلاقة بين الكوريسين وتليف الكلى في مرضى السكري. كانت النتائج مذهلة، حيث اكتشفوا أن الكوريسين يلعب دوراً مهماً في تسريع عملية التليف عبر تسريع شيخوخة الخلايا الكلوية مما يؤدي إلى سلسلة من التفاعلات الالتهابية وموت الخلايا وتراكم الأنسجة الندبية.

بدأت الدراسة بفحص الدم والبول لدى مرضى يعانون من مرض الكلى السكري، حيث وجد الباحثون أن مستويات الكوريسين في الدم كانت أعلى بكثير مقارنة بالأشخاص الأصحاء، وأن تلك المستويات تتناسب طردياً مع مدى الضرر الذي لحق بالكلى.

كيف يصل الكوريسين إلى الكلى؟

تعاونت فرق البحث مع البروفيسور ديوكار شوكلا من جامعة إلينوي لإجراء محاكاة حاسوبية وتجارب مختبرية لتتبع مسار الكوريسين من الأمعاء إلى الدورة الدموية. ووجدوا أن الكوريسين يمكن أن يرتبط بالألبومين، وهو أحد البروتينات الأكثر شيوعاً في الدم، مما يساعده على التحرك عبر مجرى الدم وصولاً إلى الكلى، حيث ينفصل عن الألبومين ليهاجم الهياكل الدقيقة التي تقوم بترشيح الدم والبول.

تجارب الأجسام المضادة وآفاق العلاج الجديد

لإثبات أن الكوريسين هو العامل الرئيسي وراء تلف الكلى، قام الباحثون بتجربة الأجسام المضادة ضد الكوريسين على الفئران. كانت النتائج مشجعة للغاية، حيث لوحظ انخفاض كبير في سرعة تدهور الكلى. هذه النتائج تفتح الباب أمام تطوير علاج جديد يعتمد على الأجسام المضادة للكوريسين، مع العلم أن مثل هذه الأجسام المضادة لم يتم اعتمادها بعد للاستخدام البشري.

يخطط الباحثون الآن لاختبار العلاجات المضادة للكوريسين في نماذج حيوانية أكثر تقدمًا مثل الخنازير، لدراسة كيفية تعديلها لتكون آمنة للاستخدام البشري. وقد تم تقديم إفصاح مشترك عن اختراع الأجسام المضادة للكوريسين بين جامعة إلينوي وجامعة ميي.

الخاتمة

تشير هذه الدراسة إلى أن حجب الكوريسين بواسطة الأجسام المضادة أو العلاجات المستهدفة الأخرى قد يبطئ أو يمنع تليف الكلى في مرضى السكري، مما يعزز جودة حياة المرضى. هذا الاكتشاف يعد خطوة كبيرة نحو تطوير علاجات جديدة يمكن أن تكون فعالة في مكافحة تليف الكلى السكري، والذي يعتبر حالياً من الأمراض التي لا يوجد لها علاج حاسم.

Scroll to Top