في العقود الأخيرة، كان العلماء يربطون بين الظواهر المناخية المتطرفة مثل العواصف والجفاف وموجات الحر والاحتباس الحراري. ومع ذلك، بدأت الأبحاث الحديثة في تتبع المسؤولية وصولاً إلى منتجي الوقود الأحفوري، مما يفتح الباب أمام مسائل قانونية جديدة.
الدراسة الحديثة والتأثيرات المناخية
نشرت مجلة Nature دراسة حديثة تكشف أن ربع موجات الحر المسجلة بين عامي 2000 و2023 يمكن ربطها مباشرة بانبعاثات الغازات الدفيئة الصادرة عن شركات الطاقة العملاقة. تقدم هذه الدراسة أدلة جديدة قد تدعم الدعاوى القضائية التي تسعى إلى تحميل هذه الشركات المسؤولية عن تأثيراتها المناخية.
توضح الدراسة أن أكثر من ربع الأحداث المناخية المسجلة كان من المستحيل تقريبا حدوثها بدون الاحتباس الحراري الذي يسببه الإنسان. زادت الانبعاثات المرتبطة بشركات الطاقة والجهات الكبرى الأخرى من احتمال حدوث 53 موجة حر بأكثر من 10,000 مرة.
التبعات القانونية للمسؤولية المناخية
يقول كريستوفر كالهان، عالم نظام الأرض بجامعة إنديانا، إن هذه الدراسة تضيف إلى الأدبيات المتزايدة التي تظهر أنه يمكن الآن رسم روابط سببية بين الملوثين الفرديين والأضرار الناجمة عن تغير المناخ. ويشير إلى أن استخدام هذه المعلومات يعتمد على القضاة والمحاكم والسياسيين.
تعد هذه الدراسة خطوة متقدمة في ربط تأثيرات المناخ بالشركات الفردية، ما يثير تساؤلات قانونية حول مدى مسؤولية شركات الطاقة عن التغير المناخي، خاصة وأنها تعمل تحت قوانين وطنية ودولية وغالباً ما تحصل على دعم حكومي.
تحليل انبعاثات الكربون من الشركات الكبرى
بدأ الباحثون بتقييم الانبعاثات التاريخية للغازات الدفيئة من 180 شركة كبرى في مجال الطاقة، بما في ذلك كيانات مملوكة للدولة مثل شركة أرامكو السعودية وغازبروم الروسية. لقد جمعوا أيضاً انبعاثات إنتاج الأسمنت والفحم في دول مثل الهند والصين. تمثل هذه الكيانات معاً حوالي 57% من الانبعاثات التاريخية حول العالم.
استخدم الفريق نماذج مناخية لتحليل اتجاهات درجات الحرارة العالمية في عالم يحتوي على غازات دفيئة وبدونها، ثم قيّموا الأثر المحتمل للاحتباس الحراري البشري على موجات الحر المسجلة في جميع أنحاء العالم.
التحديات والشكوك
رغم التقديرات الكبيرة للمسؤوليات المنسوبة إلى الشركات الكبرى، تبقى هناك شكوك عالية في العديد من الحالات، خاصة أن موجات الحر الأكثر تطرفاً نادرة إحصائياً. على سبيل المثال، تشير التقديرات إلى أن انبعاثات شركة إكسون موبيل زادت من احتمال حدوث موجة الحر في شمال غرب المحيط الهادئ عام 2021 بأكثر من 10,000 مرة، لكنها قد تكون زادت الاحتمال فقط بنسبة 19% في الحد الأدنى.
الخاتمة
تسلط هذه الدراسة الضوء على العلاقة بين انبعاثات الوقود الأحفوري وظواهر المناخ المتطرفة، مما يفتح الباب أمام نقاش عام حول المسؤولية عن الأضرار المناخية. كما توفر أسساً صلبة لدعم الدعاوى القضائية ضد منتجي الوقود الأحفوري، حيث تُظهر الأدلة أن هذه الشركات كانت على دراية بتغير المناخ قبل الجمهور العام واستغلت قوتها لعرقلة العمل المناخي. يبقى السؤال حول كيفية استغلال هذه المعلومات في المحاكم، لكن من الواضح أنها تسهم في تشكيل وجهات نظر جديدة حول المسؤولية البيئية.