يشهد مجال الذكاء الاصطناعي تطورًا سريعًا بفضل الابتكارات الحديثة التي تهدف إلى تحسين الأداء وتقليل استهلاك الطاقة. من بين هذه الابتكارات، الرقائق الضوئية التي تستخدم في إجراء العمليات الحسابية الأساسية في التعلم الآلي. تمثل هذه التقنية تقدمًا كبيرًا في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث تساهم في تسريع عملية المعالجة وتقليل الطاقة المستهلكة بشكل كبير.
الرقاقة الضوئية: كيف تعمل؟
الرقاقة الضوئية مصممة خصيصًا لتنفيذ العمليات الالتفافية، وهي عمليات أساسية في التعلم الآلي تساهم في تمكين الأنظمة الذكية من التعرف على الأنماط في الصور والفيديو والنصوص. تتطلب هذه العمليات عادةً قوة حسابية كبيرة، ولكن باستخدام المكونات الضوئية المدمجة مباشرة في رقاقة السيليكون، تمكن الباحثون من تنفيذ العمليات الالتفافية باستخدام ضوء الليزر وعدسات مجهرية، مما يقلل بشكل كبير من استهلاك الطاقة ويسرع من عملية المعالجة.
العملية تبدأ بتحويل بيانات التعلم الآلي إلى ضوء ليزر على الرقاقة، حيث يمر الضوء عبر عدسات فرينيل المصغرة التي تنفذ التحويل الرياضي المطلوب. النتيجة النهائية يتم تحويلها مرة أخرى إلى إشارة رقمية لاستكمال المهمة الذكية.
التقدم في الأداء والدقة
في الاختبارات التي أجريت، تمكنت الرقاقة النموذجية من تصنيف الأرقام المكتوبة بخط اليد بدقة تقارب 98%، وهي نسبة مقاربة لما تحققه الرقائق الإلكترونية التقليدية. وتستخدم هذه التقنية مجموعتين من عدسات فرينيل المصغرة، وهي نسخ مسطحة ورفيعة جدًا من العدسات الموجودة في المنارات، تم تصنيعها باستخدام تقنيات تصنيع أشباه الموصلات القياسية.
تعتبر القدرة على معالجة العديد من تدفقات البيانات في نفس الوقت باستخدام الليزر الملون تقنية هامة تُعرف بتعدد الأطوال الموجية. هذه القدرة تمنح الرقائق الضوئية ميزة كبيرة في معالجة كميات كبيرة من البيانات بسرعة وكفاءة.
التعاون البحثي وآفاق المستقبل
تم إجراء هذا البحث بالتعاون مع معهد فلوريدا لأشباه الموصلات وجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس وجامعة جورج واشنطن. أشار فولكر ج. سورجر، قائد الدراسة، إلى أن الشركات المصنعة للرقائق مثل NVIDIA تستخدم بالفعل العناصر الضوئية في بعض أجزاء أنظمتها الذكية، مما قد يسهل دمج هذه التقنية الجديدة.
توقع سورجر أن تصبح الرقائق البصرية جزءًا أساسيًا من كل شريحة ذكاء اصطناعي نستخدمها يوميًا في المستقبل القريب، مشيرًا إلى أن الحوسبة الضوئية للذكاء الاصطناعي هي الخطوة التالية.
الخاتمة
تشكل الرقائق الضوئية قفزة نوعية في مجال الذكاء الاصطناعي من خلال تحسين الأداء وتقليل استهلاك الطاقة. مع تقدم هذا البحث والتعاون المتعدد بين الجامعات والمعاهد، يتوقع أن تكون هذه التقنية جزءًا لا يتجزأ من أنظمة الذكاء الاصطناعي المستقبلية. إن القدرة على إجراء عمليات معقدة بفعالية وسرعة أكبر تفتح آفاقًا جديدة لتطوير أنظمة ذكاء اصطناعي أكثر تقدمًا وفعالية.
