فهم الألوان: كيف يتشارك البشر في الشيفرات العصبية للألوان

في دراسة حديثة نُشرت في مجلة العلوم العصبية، كشف باحثون من جامعة توبنغن عن أنماط نشاط دماغي مشتركة بين البشر عند إدراكهم للألوان، مما يشير إلى وجود شيفرة عصبية عالمية للألوان. تمكن الباحثون من التنبؤ بالألوان التي يشاهدها المشاركون باستخدام بيانات نشاط دماغ مجموعة أخرى، مع تحقيق دقة عالية في فك ترميز كل من اللون والسطوع.

الرموز العصبية المشتركة

تُظهر الأبحاث أن هناك أنماطًا مميزة من النشاط الدماغي تمثل الألوان، وهذه الأنماط محفوظة بين الأشخاص. يعني هذا أن هناك شيفرات عصبية يمكن استخدامها لفهم كيف يرى الأفراد الألوان، بغض النظر عن اختلافاتهم الشخصية.

اعتمد الباحثون على قياس الاستجابات الدماغية الناتجة عن الألوان لدى مجموعة من المشاركين، ثم قاموا بالتنبؤ بما يراه المشاركون الآخرون من ألوان من خلال مقارنة نشاطهم الدماغي مع استجابات المجموعة الأولى. هذه العملية أظهرت إمكانية التنبؤ بما يراه الشخص من ألوان باستخدام بيانات دماغ أشخاص آخرين.

فك الترميز عبر الأدمغة

من المثير للاهتمام أن هذه الدراسة تقدم أول دليل على أن فك ترميز الألوان ممكن باستخدام بيانات عصبية من أشخاص مختلفين، وليس فقط من نفس الفرد. وقد أبرزت النتائج أن العمليات الدماغية التي تكمن وراء إدراك اللون متسقة بشكل ملحوظ عبر الأفراد، على الرغم من اختلاف التجارب الذاتية.

في حين أن الأبحاث السابقة تمكنت من فك ما يراه الشخص من ألوان باستخدام البيانات المسجلة من نفس الشخص، فإن العمل الجديد يوضح أن فك الترميز ممكن حتى عند استخدام استجابات من أدمغة أخرى.

معالجة عالمية للألوان

تدعم هذه النتائج فكرة وجود آليات متسقة على مستوى السكان لإدراك الألوان. بعبارة أخرى، على الرغم من أن تجاربنا الفردية قد تبدو مختلفة، إلا أن الطريقة التي يعالج بها الدماغ الألوان قد تكون مشتركة بين الجميع.

يقول الباحث مايكل بانيرت: “لا يمكننا القول إن اللون الأحمر لدى شخص ما يبدو نفسه لدى شخص آخر، ولكن رؤية أن بعض الجوانب الحسية لتجربة ذاتية محفوظة عبر أدمغة الناس هو شيء جديد”.

الخاتمة

تؤكد هذه الدراسة على أن هناك شيفرات عصبية مشتركة للألوان بين البشر، مما يفتح آفاقًا جديدة لفهم كيفية معالجة الدماغ للمعلومات الحسية. على الرغم من أن التجارب الذاتية قد تختلف، إلا أن العمليات العصبية الأساسية وراء إدراك الألوان قد تكون متشابهة بشكل لافت بين الأفراد. هذا البحث يقدم خطوة مهمة نحو فهم أعمق للكيفية التي يدرك بها البشر العالم من حولهم.

Scroll to Top