لطالما كانت تفاعلات الحساسية الغذائية الحادة لغزًا يحير العلماء، خاصة تلك التي تبدأ في الأمعاء بعد تناول مادة مهيجة. الآن، اكتشف باحثون من جامعة ولاية أريزونا بالتعاون مع فريق من جامعة ييل، دورًا جديدًا لخلايا مناعية متخصصة في الأمعاء في تحفيز هذه التفاعلات.
الدور الجديد للخلايا المناعية في الأمعاء
توصل الباحثون إلى أن الخلايا المناعية المتخصصة في الأمعاء تقوم بإنتاج رسائل كيميائية قوية يمكن أن تتسبب في تقلص العضلات في الشعب الهوائية والأمعاء، وزيادة إنتاج المخاط وتفاقم الالتهاب. هذه الرسائل تلعب دورًا في نوبات الربو، ولكن الدراسة الجديدة تظهر أنها أيضًا محرك رئيسي لتفاعلات الحساسية الغذائية الحادة التي تبدأ في الأمعاء.
توضح الدراسة المنشورة في مجلة Science أن ردود الفعل تجاه المواد المهيجة في الأمعاء تختلف جوهريًا عن تلك التي تدخل مجرى الدم بشكل مباشر.
فهم جديد لمسار مختلف للتفاعلات التحسسية
حتى الآن، كان الافتراض السائد أن الحساسية تتبع نفس المسار بغض النظر عن كيفية دخول المهيجات إلى الجسم، حيث يعتبر الهيستامين من الخلايا البدينة كالمحرك الرئيسي. لكن الدراسة أظهرت أن المهيجات الغذائية تستحث مجموعة متخصصة من الخلايا البدينة في الأمعاء على إنتاج جزيئات دهنية تسمى الليكوترينات بدلاً من الهيستامين، وهي المسؤولة عن تفاعلات الحساسية في الجهاز الهضمي.
تتلقى الخلايا البدينة في بطانة الأمعاء إشارات من الخلايا الطلائية المجاورة، مما يؤدي إلى تغيير نشاطها وجعلها تنتج المزيد من الليكوترينات وقليل من الهيستامين.
نهج جديد للوقاية من الطوارئ التحسسية الغذائية
لاختبار مدى تأثير الليكوترينات في تحفيز التفاعل التحسسي، استخدم الفريق دواء زيلووتون المعتمد من إدارة الغذاء والدواء لعلاج الربو، والذي يمنع إنزيمًا حاسمًا في إنتاج الليكوترينات. أظهرت النتائج أن الدواء قلل من أعراض الحساسية وقدم حماية من انخفاض خطير في درجة حرارة الجسم – وهو علامة مميزة للحساسية المفرطة.
تشير النتائج الجديدة إلى أن استهداف الليكوترينات قد يوفر نهجًا وقائيًا أو علاجيًا جديدًا للحساسية المفرطة التي يحفزها الطعام.
ما وراء مجرد رد فعل في الأمعاء
تغير هذه الدراسة كيفية تفكير العلماء في ردود الفعل التحسسية، حيث تبين أن طريقة دخول المهيجات إلى الجسم – سواء عن طريق الجلد أو مجرى الدم أو الأمعاء – يمكن أن تحدد نوع الاستجابة المناعية المتورطة.
يخطط الباحثون لمتابعة الدراسة بفحص ما إذا كانت مجموعات خلايا بدينة مماثلة ومسارات مدفوعة بالليكوترينات موجودة في أمعاء البشر، وما إذا كان يمكن حظرها لتقليل أو منع التفاعلات الشديدة لدى الأشخاص الذين يعانون من حساسية غذائية مهددة للحياة.
الخاتمة
تقدم هذه الدراسة رؤى جديدة ومهمة حول كيفية تفاعل الجسم مع المهيجات الغذائية، مسلطةً الضوء على أهمية الليكوترينات كهدف علاجي محتمل للتفاعلات التحسسية الغذائية. مع كون الأدوية المثبطة لإنتاج الليكوترينات معتمدة بالفعل، فإن هذا يفتح الباب أمام اختبارات سريعة لتطبيقها في علاج الحساسية الغذائية.