في إنجاز جديد لعلماء الفلك، استطاع التلسكوب الفضائي جيمس ويب التابع لناسا رصد أكثر الأقراص الكيميائية غنىً حول القزم البني، وهو جسم بارد وخافت يُطلق عليه أحيانًا “النجم الفاشل”. يُعد هذا الاكتشاف خطوة مهمة نحو فهم كيفية تشكل الأنظمة الكوكبية حول هذه النجوم الغامضة.
ما هو القزم البني؟
القزم البني هو نوع من الأجرام السماوية التي تحتل مكانًا وسطًا بين الكواكب والنجوم. فهي لا تمتلك كتلة كافية لبدء اندماج الهيدروجين مثل النجوم التقليدية، لكنها أكبر من أن تُعتبر كواكب. تُظهر هذه الأجرام خصائص فريدة تجعلها موضع بحث دائم في علم الفلك.
على الرغم من أنها لا تنتج نفس القدر من الحرارة والإشعاع مثل النجوم الشمسية، إلا أن الأقراص المحيطة بالأقزام البنية تقدم أدلة حيوية حول كيفية تشكل الأنظمة الكوكبية. تشير الاكتشافات الحديثة إلى أن هذه الأقراص قد تحتوي على المكونات الأساسية لتشكيل الكواكب.
الاكتشاف الحديث للتلسكوب جيمس ويب
تمكن التلسكوب جيمس ويب من رصد قزم بني شاب يُدعى Cha Hα 1، محاطًا بقرص دوار من الغاز والغبار. يُعتقد أن هذا القرص قد يكون موقعًا لنشوء كواكب مستقبلية. إن رصد هذا التركيب الكيميائي غير المسبوق يشير إلى أن حتى هذه النجوم الأقل شهرة يمكن أن تحتوي على المواد الخام اللازمة لتكوين الكواكب.
استخدم العلماء أداة MIRI الخاصة بالتلسكوب جيمس ويب في أغسطس 2022 لمراقبة هذا القزم البني، ووجدوا أن البيانات تتماشى بشكل كبير مع المعلومات التي جُمعت قبل عقدين من الزمن بواسطة تلسكوب سبيتزر الفضائي.
التكوين الكيميائي للقرص
يحتوي قرص Cha Hα 1 على مجموعة غنية من الهيدروكربونات مثل الميثان والأسيتيلين والإيثان والبنزين، بالإضافة إلى الماء والهيدروجين وثاني أكسيد الكربون وحبيبات كبيرة من الغبار السيليكاتي. يُظهر هذا التنوع الكيميائي درجة عالية من التعقيد في تكوين القرص.
عادةً ما تميل الأقراص الأكبر سنًا إلى أن تكون غنية إما بالأكسجين أو بالكربون. إلا أن وجود كلا النوعين من الجزيئات في قرص Cha Hα 1 يشير إلى أن التركيب الكيميائي لهذا القرص معقد، وقد يكون قد تأثر بفروق درجات الحرارة عبر القرص أو بتفاعلات المادة أو بمرور الزمن.
الآثار المستقبلية لهذا الاكتشاف
إن فهم هذه المخازن الجزيئية يمكن أن يكشف عن أنواع الكواكب التي قد تظهر في المستقبل حول الأقزام البنية. كما أن دراسة هذه الأقراص في مراحل مختلفة من تطورها يتيح لنا اختبار النظريات حول ما يحرك هذا التطور، ويزودنا بفهم أفضل للمواد المتاحة لتشكيل الكواكب في أوقات مختلفة.
تقدم هذه النتائج فرصة نادرة لدراسة كيفية تشكيل الكيمياء لتكوين الكواكب، ويمكن أن توفر أدلة قيّمة على تنوع العوالم خارج نظامنا الشمسي.
الخاتمة
إن الاكتشافات التي حققها التلسكوب جيمس ويب حول الأقزام البنية تفتح آفاقًا جديدة في دراسة تطور الأنظمة الكوكبية. من خلال فهم التركيب الكيميائي للأقراص المحيطة، يمكننا تطوير نماذج أفضل لعملية تكوين الكواكب، مما يساعدنا على فهم التنوع الكبير الذي يمكن أن يكون موجودًا في الكون.