اكتشاف دودة براقة تنتج معدن الأرزنيك في أعماق البحار

في اكتشاف علمي مذهل، اكتشف الباحثون دودة صفراء ساطعة تعيش في فتحات الأعماق البحرية الحرارية في المحيط الهادئ الغربي، وهي أول حيوان معروف ينتج معدن الأرزنيك السام الذي كان يُستخدم من قِبل الفنانين منذ العصور القديمة وحتى القرن التاسع عشر.

دودة الأعماق البحرية الفريدة

تُعرف الدودة باسم Paralvinella hessleri وهي الوحيدة التي تعيش في الأجزاء الأكثر سخونة من الفتحات الحرارية البحرية في الأخدود البحري بأوكيناوا. تتميز هذه الفتحات بتدفق مياه ساخنة وغنية بالمعادن، تحتوي على مستويات عالية من كبريتيد الأرزنيك السام. هذا يجعل البيئة المحيطة بالدودة قاسية وغير مضيافة لمعظم الكائنات البحرية.

وجد الباحثون أن هذه الدودة تقوم بتجميع جزيئات مجهرية من الأرزنيك على خلايا جلدها الخارجية وعلى طول أعضائها الداخلية. يتفاعل الأرزنيك مع الكبريتيد الموجود في الفتحات الحرارية لتشكيل كتل صغيرة من معدن الأرزنيك، مما يشكل درعًا مجهرًا يحمي الدودة من البيئة السامة.

تكوين الأرزنيك المعدني

الأرزنيك هو معدن طبيعي يتكون من كبريتيد الأرزنيك، وعادة ما يوجد في رواسب الخامات الحرارية والمغناطيسية. كانت هذه النتائج مفاجئة لفريق البحث، حيث أن الكائنات التي تعيش في أعماق البحار تعيش في الظلام الدامس وعادة ما تكون ذات لون رمادي أو أبيض، أو مزينة بألوان تتراوح من البرتقالي إلى الأحمر الداكن. لذا كان من غير المتوقع أن تنتج هذه الدودة أصباغ في الظلام.

يشير أحد الباحثين المشاركين، هاو وانغ، وهو عالم أحياء بحرية في الأكاديمية الصينية للعلوم في تشينغداو، إلى أن الدودة قد تكون تستخدم هذا التكوين المعدني كآلية دفاعية فريدة ضد البيئة السامة.

التحديات البحثية والآليات الغامضة

على الرغم من الاكتشاف المذهل، لا يزال الفريق يواجه تحديات كبيرة في فهم كيفية نقل الأرزنيك إلى الأعضاء الداخلية للكائن. الكائنات البحرية الأخرى معروفة بإنتاج المعادن كدروع واقية. على سبيل المثال، الحلزون المعروف باسم Chrysomallon squamiferum يستضيف بكتيريا تزيل سمية الكبريتيد من خلال تكوين الحديد في قشوره.

تشير العالمة البحرية ناريسا باكس إلى أن الدودة قد تكون تجمع السموم في شكل بلوري آمن داخل خلاياها. هذه القدرة على محاربة السم بالسم تُعتبر مذهلة، لكن البحث في هذه الآليات يظل صعبًا بسبب الظروف القاسية في الفتحات البحرية وصعوبة دراستها خارج بيئتها الطبيعية.

الخاتمة

تشكل هذه الدودة اكتشافًا مذهلاً في علم الأحياء البحرية، فتفردها في إنتاج معدن الأرزنيك السام يبرز آليات تكيف مذهلة مع بيئتها القاسية. على الرغم من التحديات التي يواجهها الباحثون في دراسة هذه الظاهرة، إلا أن هذا الاكتشاف يفتح آفاقًا جديدة لفهم بيئات الأعماق البحرية وقدرات الكائنات على التكيف مع الظروف القاسية.

Scroll to Top