أحدثت تجربة جديدة في ميكانيكا الكم صدمة في المجتمع العلمي بعد أن أشارت إلى وجود ظاهرة تُعرف باسم “الزمن السلبي” — وهو مفهوم يتحدى الفهم التقليدي للزمن باعتباره يسير دائمًا إلى الأمام. هذا الاكتشاف تم باستخدام فوتونات متشابكة، وقد يغير نظرتنا لطبيعة الزمن وأحداثه في العالم الكمي.
ما هو الزمن السلبي؟
في الفيزياء الكلاسيكية، الزمن يتدفق من الماضي إلى الحاضر ثم إلى المستقبل. ولكن في عالم ميكانيكا الكم، القوانين تصبح أقل صرامة، وتظهر ظواهر غريبة مثل التشابك الكمومي والقياس المتأخر. الزمن السلبي يعني ببساطة أن تأثيرًا ما قد يحدث “قبل” سببه، أي أن المستقبل يؤثر على الماضي.
في التجربة الأخيرة، استخدم الباحثون فوتونات متشابكة وطبقوا ما يُعرف باسم “اختبار القياس المتأخر”. في هذا النوع من التجارب، يتم اتخاذ قرار بشأن كيفية قياس أحد الجسيمات بعد أن يكون قد تم بالفعل تفاعله مع جسيم آخر. النتائج أظهرت أن الفوتونات تصرفت كما لو أن ما سيحدث في المستقبل قد أثر بالفعل على ما حدث في الماضي — وهي علامة محتملة على عكس اتجاه الزمن على المستوى الكمي.
التجربة التي حيّرت الفيزيائيين
أجرى الباحثون التجربة عبر إرسال زوج من الفوتونات المتشابكة في اتجاهين مختلفين، ثم قاموا بتغيير إعدادات القياس على أحد الفوتونات بعد أن كانت التجربة قد بدأت بالفعل. النتائج أظهرت أن الفوتون الثاني بدا وكأنه “يعرف” الإعدادات التي تم اختيارها لاحقًا، وأظهر سلوكًا يتناسب معها، رغم أنه لم يكن هناك وقت كافٍ لنقل أي إشارة كلاسيكية بين الجسيمين.
هذه الظاهرة تتماشى مع ما أشار إليه ألبرت أينشتاين يومًا بوصفه “تأثيرًا شبحيًا عن بعد”، لكنها تأخذ الأمر الآن إلى مستوى جديد يتضمن مفهوما مخالفًا للمنطق السليم: أن السبب يمكن أن يتبع النتيجة.
انعكاسات علمية وفلسفية عميقة
إذا تم إثبات وجود الزمن السلبي بشكل قاطع، فقد نضطر لإعادة التفكير في الأساسيات الفلسفية والعلمية لنظرية السببية. هل نحن نتحكم في قراراتنا؟ هل للمستقبل دور في تشكيل الحاضر؟ قد تبدو هذه الأسئلة بعيدة، لكنها تزداد واقعية مع تقدم الأبحاث في ميكانيكا الكم.
في حين أن العلماء لا يتحدثون عن السفر عبر الزمن أو القدرة على التنبؤ بالمستقبل، إلا أن الظواهر التي رُصدت قد تفتح الباب لفهم أعمق لطبيعة الزمن، وربما استغلال هذه المفاهيم في تطبيقات مستقبلية مثل الحوسبة الكمومية أو الاتصالات الآنية.
الخاتمة
الزمن كما نعرفه قد لا يكون خطًا مستقيمًا لا يمكن الرجوع فيه، بل شبكة متداخلة من الاحتمالات المتشابكة. الاكتشافات الحديثة في ميكانيكا الكم تعيد رسم حدود فهمنا للعالم، وتلمّح إلى أن الحاضر والمستقبل قد يكونان أكثر ارتباطًا مما كنا نتصور.