تعتبر المواد الكيميائية PFAS (المواد البيرفلورية والألكيلية المتعددة الفلور) من التحديات البيئية والصحية الكبرى في عالمنا الحديث. تتواجد هذه المواد في العديد من المنتجات اليومية مثل الملابس المقاومة للماء والمقالي غير اللاصقة ومواد تغليف الأغذية. وبسبب صعوبة تحللها، تتراكم هذه المواد في البيئة وفي أجسامنا، مما يشكل تهديدًا لصحتنا الصحية. لكن الأبحاث الحديثة في جامعة كامبريدج قد توفر الأمل في مكافحة هذه المشكلة من خلال اكتشاف بكتيريا معوية قادرة على امتصاص PFAS.
البكتيريا المعوية ودورها في امتصاص PFAS
أجرى علماء في جامعة كامبريدج دراسة رائدة حيث اكتشفوا أن هناك عائلة من البكتيريا الموجودة طبيعيًا في الأمعاء البشرية قادرة على امتصاص جزيئات PFAS من البيئة المحيطة بها. عندما تم إدخال تسعة أنواع من هذه البكتيريا إلى أمعاء الفئران، لاحظ الباحثون أن البكتيريا قامت بسرعة بامتصاص PFAS التي أكلتها الفئران، والتي تم إخراجها بعد ذلك في البراز.
تظهر هذه النتائج لأول مرة أن الميكروبيوم المعوي لدينا يمكن أن يلعب دورًا مفيدًا في إزالة المواد الكيميائية السامة PFAS من أجسامنا، على الرغم من أن هذا لم يتم اختباره بشكل مباشر على البشر بعد. يعتبر هذا الاكتشاف خطوة مهمة نحو فهم كيفية التعامل مع هذه المواد السامة في أجسامنا.
التأثيرات الصحية لـ PFAS والحاجة إلى الحلول
تربط الدراسات بين PFAS ومجموعة من المشاكل الصحية مثل انخفاض الخصوبة وتأخر النمو عند الأطفال وزيادة خطر الإصابة بأنواع معينة من السرطان وأمراض القلب والأوعية الدموية. يعد هذا مصدر قلق متزايد بين العلماء والمتخصصين في الصحة العامة. تم إطلاق تحقيق برلماني في المملكة المتحدة في عام 2025 لدراسة المخاطر المرتبطة بـ PFAS وتنظيمها.
تكمن مشكلة PFAS في أنها تتواجد في أكثر من 4,700 نوع مختلف، بعضها يمكن أن يخرج من الجسم عبر البول في غضون أيام، بينما يبقى البعض الآخر لفترات أطول بكثير. تشير الدراسات إلى أن PFAS لا تعتبر سامة بشكل حاد عند مستويات منخفضة، لكنها تعمل كسم بطيء التأثير.
الآفاق المستقبلية: البروبيوتيك كحل محتمل
يخطط الباحثون لاستخدام اكتشافهم لتطوير مكملات غذائية بروبيوتيك تعزز مستويات هذه البكتيريا المفيدة في أمعائنا، بهدف الحماية من التأثيرات السامة لـ PFAS. تم تأسيس شركة ناشئة تدعى Cambiotics، بقيادة د. آنا لينديل ود. كيران باتيل، لتطوير هذه البروبيوتيكات والتحقيق في طرق مختلفة لتعزيز أداء هذه الميكروبات.
بينما ننتظر توفر هذه المنتجات الجديدة، ينصح الباحثون بتجنب استخدام أواني الطهي المطلية بـ PFAS واستخدام فلاتر مياه جيدة كخطوات وقائية.
الخاتمة
تشكل المواد الكيميائية PFAS تحديًا كبيرًا للبيئة وصحة الإنسان، ولكن الأبحاث الحديثة في جامعة كامبريدج تقدم أملًا جديدًا من خلال اكتشاف بكتيريا معوية قادرة على امتصاص هذه المواد السامة. يوفر هذا الاكتشاف فرصة لتطوير حلول جديدة مثل البروبيوتيك للمساعدة في تقليل مستويات PFAS في أجسامنا. ومع استمرار الأبحاث والتطوير، قد نتمكن قريبًا من تقليل التأثيرات الصحية السلبية لهذه المواد الكيميائية على المدى الطويل.