تقنيات الاستشعار الحيوي القائمة على الفيزياء الكمية: ثورة في الكشف عن الجزيئات

في عالم التكنولوجيا الحديثة، تبرز تقنيات الاستشعار الحيوي كأدوات رائدة في الكشف عن الجزيئات الحيوية بكفاءة عالية. من بين هذه التقنيات، تبرز مستشعرات الضوء الحيوي التي تعتمد على مبادئ الفيزياء الكمية، حيث تمثل نقلة نوعية في كيفية الكشف عن الجزيئات دون الحاجة إلى مصدر ضوء خارجي.

الظاهرة الكمية وراء الاستشعار الحيوي

تقوم تقنية الاستشعار الحيوي الجديدة على ظاهرة فيزيائية كمية تعرف بالنفق الإلكتروني غير المرن. هذه الظاهرة تمكن الإلكترونات من اختراق حواجز عازلة فائقة الرقة مع إصدار فوتونات ضوئية. وقد نجح الباحثون في مختبر الأنظمة البايوفوتونية في تطوير بنية نانوية تعزز من احتمالية حدوث هذه الظاهرة.

البنية النانوية المصممة تحتوي على طبقة من الذهب تعمل كواجهة انبعاث الضوء، حيث تنتقل الإلكترونات عبر حاجز من أكسيد الألمنيوم لتصل إلى هذه الطبقة. خلال هذه العملية، تنقل الإلكترونات جزءًا من طاقتها لتثير بلازمون، وهو ما يؤدي إلى إصدار فوتون.

الحساسية الفائقة للكشف

تمكن هذا المستشعر الحيوي الذاتي الإضاءة من الكشف عن الأحماض الأمينية والبوليمرات بتراكيز قليلة تصل إلى واحد تريليون من الجرام. هذا المستوى من الحساسية يجعله منافسًا لأكثر المستشعرات تطورًا في الوقت الراهن.

التغير في شدة وطيف الضوء الناتج عند التفاعل مع الجزيئات الحيوية يتيح طريقة قوية للكشف في الوقت الحقيقي وبدون علامات.

السطح الميتاسطحي ذو الوظائف المزدوجة

جوهر هذا الابتكار يكمن في الطبقة الذهبية التي تعمل كميتاسطح. هذه الطبقة لها خصائص فريدة تخلق الظروف المناسبة لحدوث النفق الإلكتروني الكمي، وتتحكم في انبعاث الضوء الناتج.

تتكون هذه الطبقة من شبكة من أسلاك الذهب النانوية تعمل كهوائيات نانوية لتركيز الضوء في مناطق صغيرة، مما يعزز من كفاءة الكشف عن الجزيئات الحيوية.

إمكانيات التصنيع والتطبيقات المستقبلية

بالإضافة إلى كونه حساسًا ومضغوطًا، فإن المنصة الكمية التي تم تصنيعها في مركز التقنيات الدقيقة في EPFL قابلة للتوسع ومتوافقة مع طرق تصنيع المستشعرات. تحتاج فقط إلى أقل من مليمتر مربع من المساحة النشطة للكشف، مما يفتح المجال لتطوير مستشعرات حيوية محمولة.

يمكن استخدام هذه التكنولوجيا في مجموعة واسعة من التطبيقات مثل تشخيص الأمراض بشكل فوري والكشف عن الملوثات البيئية، مما يمثل خطوة جديدة في أنظمة الاستشعار عالية الأداء.

الخاتمة

تعتبر تقنيات الاستشعار الحيوي القائمة على الفيزياء الكمية خطوة هامة نحو مستقبل أكثر دقة وكفاءة في الكشف عن الجزيئات الحيوية. من خلال الجمع بين توليد الضوء والكشف عنه في شريحة واحدة، تقدم هذه التكنولوجيا إمكانيات جديدة في مجالات متنوعة تتراوح من الرعاية الصحية إلى حماية البيئة، مما يعزز من قدرة العلماء والباحثين على فهم وتفاعل مع العالم من حولهم بطرق لم تكن ممكنة من قبل.

Scroll to Top