يشكل استخراج الذهب تحديًا كبيرًا للبيئة والصحة العامة بسبب استخدام المواد الكيميائية السامة مثل الزئبق والسيانيد. ولكن، تقدم تقنية جديدة تم تطويرها في جامعة فلندرز الأمل في تقليل هذه المخاطر من خلال استخدام مركبات أكثر أمانًا وطرق مستدامة لاستخراج الذهب من النفايات الإلكترونية ومصادر أخرى.
استخدام مركبات آمنة في استخراج الذهب
تعتمد التقنية الجديدة على استخدام مركب يسمى حمض ثلاثي كلوروأيزوسيانوريك، وهو مركب يستخدم عادة في تعقيم المياه. يتم تنشيط هذا المركب باستخدام المياه المالحة ليذيب الذهب بشكل فعال. يعتبر هذا الحل بديلاً أكثر أمانًا وصديقًا للبيئة بالمقارنة مع السيانيد والزئبق، وهما المواد الكيميائية التقليدية المستخدمة في استخراج الذهب.
إن استخدام هذا المركب الآمن يعكس التزام الفريق البحثي بتطوير طرق استخراج الذهب التي تقلل من التأثير السلبي على البيئة وصحة الإنسان. فالمركبات المستخدمة لا تتسبب في تلوث المياه أو الهواء بالمواد السامة، مما يجعل هذه الطريقة خطوة مهمة نحو التعدين المستدام.
الابتكار في صناعة السوربنت
علاوة على استخدام المركبات الآمنة، تميزت هذه التقنية بتطوير بوليمر جديد غني بالكبريت يستخدم لربط الذهب بعد استخراجه. يتميز هذا البوليمر بقدرته العالية على انتقاء الذهب حتى في الخلائط المعقدة. وبعد استخراج الذهب، يمكن إعادة تدوير البوليمر واستخدامه مجددًا، مما يعزز من استدامة العملية.
يستخدم الفريق البحثي الضوء فوق البنفسجي لتحفيز التفاعل الكيميائي اللازم لتكوين البوليمر، مما يجعل العملية أكثر استدامة. إن القدرة على إعادة استخدام البوليمر بعد استعادة الذهب تعزز من المزايا البيئية لهذه الطريقة وتقلل من النفايات الناتجة عن العملية.
التأثير على التعدين والإلكترونيات
تعد النفايات الإلكترونية واحدة من أسرع مصادر النفايات الصلبة نموًا في العالم، حيث تتزايد كمياتها بشكل كبير كل عام. تحتوي هذه النفايات على معادن ثمينة مثل الذهب والنحاس، ولكن إعادة تدويرها بشكل غير صحيح يمكن أن يؤدي إلى إطلاق مواد كيميائية سامة تضر بالصحة العامة.
تسعى التقنية الجديدة إلى تقديم حلول أكثر استدامة للتعامل مع هذه النفايات، مما يعزز من مفهوم الاقتصاد الدائري ويقلل من استنزاف الموارد الطبيعية. إن استخدام التكنولوجيا الحديثة لاستخراج الذهب من النفايات الإلكترونية يسهم في تقليل الحاجة إلى التعدين التقليدي الذي يستهلك الكثير من الموارد ويسبب أضرارًا بيئية.
التعاون الدولي والتأثير الاجتماعي
لم يقتصر العمل على جامعة فلندرز فقط، بل تضمن تعاونًا مع خبراء من الولايات المتحدة وبيرو للتحقق من فعالية الطريقة على نطاق أوسع. يهدف هذا التعاون إلى دعم المناجم الصغيرة التي تعتمد على الزئبق، مما يسهم في تقليل التلوث العالمي بالزئبق وتحسين الظروف الصحية للعاملين في هذه المناجم.
إن توفير طرق بديلة لاستخراج الذهب يعزز من القدرة على حماية الاقتصاد والبيئة على حد سواء. ومن خلال الشراكات مع الصناعات والجمعيات البيئية، يمكن لهذه التقنية أن تقدم حلولًا ملموسة لمشكلات معقدة تدعم الاقتصاد وتحمي البيئة.
الخاتمة
تعد التقنية الجديدة لاستخراج الذهب خطوة مهمة نحو التعدين المستدام والصديق للبيئة. من خلال استخدام مركبات آمنة وطرق مبتكرة، يمكن تقليل التأثير السلبي على البيئة والصحة العامة. إن التعاون الدولي والتوجه نحو الاقتصاد الدائري يعززان من قدرة هذه التقنية على تقديم حلول حقيقية لمشكلات استخراج الذهب التقليدية. إن تبني مثل هذه الابتكارات يمكن أن يسهم بشكل كبير في حماية كوكبنا وتحسين جودة الحياة للأجيال القادمة.