أظهرت دراسة حديثة أجرتها جامعة برشلونة كيف يمكن لنماذج الذكاء الاصطناعي اكتشاف السمات الشخصية من النصوص المكتوبة، وتمكنت للمرة الأولى من تحليل كيفية اتخاذ هذه الأنظمة للقرارات بشكل دقيق. تم نشر هذه النتائج في مجلة PLOS ONE، وقد فتحت آفاقًا جديدة لفهم كيفية تجلي الشخصية في اللغة الطبيعية وكيفية بناء أدوات كشف أوتوماتيكي أكثر شفافية وموثوقية.
توظيف الذكاء الاصطناعي لتفسير القرارات
استعانت الدراسة بتقنيات الذكاء الاصطناعي القابلة للتفسير مثل تقنيات التدرجات المتكاملة لاكتشاف الكلمات والأنماط اللغوية التي تؤثر على التنبؤ بالسمات الشخصية. وقد مكن هذا الفريق من فتح “الصندوق الأسود” للذكاء الاصطناعي وتوضيح كيفية اتخاذ القرارات المبنية على الأطر النفسية الرئيسية.
بالإضافة إلى ذلك، ساعدت هذه التقنية الباحثين في تحديد الكلمات أو العبارات التي تسهم في التوقع بسمات شخصية محددة. على سبيل المثال، لاحظوا أن الكلمات مثل “أكره”، التي ترتبط تقليديًا بالسمات السلبية، يمكن أن تظهر في سياقات تعكس اللطف.
مقارنة بين الأنظمة النفسية: Big Five وMBTI
حلل الباحثون كيفية معالجة نماذج الذكاء الاصطناعي المتقدمة للنصوص لاكتشاف السمات الشخصية وفقًا لنظامي Big Five وMBTI. وقد أظهرت الدراسة أن نظام Big Five أكثر موثوقية من الناحية النفسية لتحليل الشخصية مقارنةً بنظام MBTI، حيث يعتمد الأول بشكل أكبر على مؤشرات لغوية حقيقية للسلوك.
رغم استخدام نظام MBTI على نطاق واسع، أشارت الدراسة إلى وجود قيود كبيرة له في التقييم الأوتوماتيكي للشخصية، حيث تعتمد النماذج في الغالب على الأخطاء بدلاً من الأنماط الحقيقية.
تطبيقات الكشف الأوتوماتيكي عن الشخصية
يمكن أن يكون لاستخدام تقنيات الكشف الأوتوماتيكي عن الشخصية تأثير كبير في مجال علم النفس الشخصي. يسهم هذا النهج في تحديد الأنماط اللغوية المرتبطة بالسمات الشخصية التي قد لا يلاحظها العلماء باستخدام الأساليب التقليدية، مما يؤدي إلى طرق تقييم أكثر طبيعية وأقل تدخلاً.
في المجال السريري، يمكن أن تساعد هذه التقنيات في التقييم الأولي والمتابعة للمرضى من خلال التركيز على التغيرات في اللغة أو التعبير اللفظي كمؤشرات على عناصر نفسية مهمة للعلاج.
التطور نحو نهج متعدد الأوجه
يرى الباحثون أن هذه النماذج لن تحل محل الاختبارات التقليدية للشخصية في المستقبل القريب، بل ستكملها وتوفر منظورًا إضافيًا وأعمق. يتوقع أن يتطور النهج نحو دمج التحليلات اللغوية الطبيعية مع البيانات الرقمية الأخرى للحصول على صورة أكثر شمولاً للشخصية.
يمكن أن تكون نماذج الذكاء الاصطناعي مفيدة بشكل خاص في السياقات التي يصعب فيها جمع البيانات التقليدية أو عندما يكون من الضروري تحليل كميات كبيرة من المعلومات بكفاءة.
الخاتمة
في الختام، تبرز هذه الدراسة الإمكانات الهائلة لاستخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل الشخصية بشكل دقيق وشفاف. تؤكد النتائج على أهمية استخدام تقنيات قابلة للتفسير لضمان الاستخدام الأخلاقي والشفاف لهذا النوع من التحليل. كما تفتح الأبواب أمام تطبيقات جديدة في مجالات متعددة مثل علم النفس، الموارد البشرية، والتعليم.