حماية 1.2% فقط من أراضي الأرض يمكن أن يقي من الانقراض الجماعي

تشير دراسة علمية جديدة إلى أن حماية نسبة ضئيلة من سطح الأرض قد تكون كافية لتفادي موجة الانقراض الجماعي التي تهدد التنوع البيولوجي على كوكبنا. فبدلاً من التركيز فقط على توسيع الرقعة الجغرافية للمحميات الطبيعية، يقترح العلماء توجيه الجهود نحو مواقع محددة تحتوي على أعلى تركيز من الأنواع النادرة والمهددة بالانقراض.

أزمة التنوع البيولوجي على كوكب الأرض

يؤدي النشاط البشري إلى تدمير غير مسبوق في النظم البيئية، ما يشكل تهديدًا كبيرًا للحياة البرية حول العالم. وقد وصفت الأمم المتحدة ذلك بـ”تشويه شجرة الحياة”، حيث تُفقد فروع كاملة من الأنواع بشكل متسارع. وفي محاولة للاستجابة لهذه الأزمة، تم الاتفاق دوليًا على حماية 30% من أراضي ومياه الأرض بحلول عام 2030 ضمن ما يُعرف بـ”اتفاقية السلام مع الطبيعة”.

لكن الواقع يشير إلى أننا ما زلنا بعيدين عن تحقيق هذا الهدف، ما دفع العلماء إلى البحث عن استراتيجيات أكثر فاعلية وأقل تكلفة في الحفاظ على التنوع البيولوجي.

أهمية المواقع الحيوية للحفظ

اعتمد فريق بحث دولي على بيانات عالمية لرصد توزيع الأنواع المهددة حول العالم. ووجدوا أن أكثر من 16,000 موقع غير محمي، تشكل ما نسبته 1.2% فقط من سطح الأرض، تضم غالبية هذه الأنواع النادرة. تقع نصف هذه المواقع في المناطق المدارية، وكثير منها قريب من محميات قائمة بالفعل، ما يجعل توسيع نطاق الحماية أمرًا ممكنًا ومجدٍ من الناحية اللوجستية.

ويقول الباحث إريك دينرشتاين: “معظم الأنواع النادرة مركزة في مواقع محددة، مما يسمح لنا بتحقيق تأثير كبير من خلال حماية مناطق صغيرة نسبيًا.”

توزيع غير متوازن للمحميات الحالية

بين عامي 2018 و2023، تم إعلان حماية أكثر من 1.2 مليون كيلومتر مربع من الأراضي. ومع ذلك، فإن 7% فقط من هذه الأراضي تغطي ما يُعرف بـ”ضرورات الحفظ” – وهي المناطق الغنية بالأنواع المهددة. والأسوأ من ذلك، أن 2.4% فقط من المناطق المحمية الجديدة تقع في الغابات الاستوائية، التي تضم أعلى تركيز من التنوع البيولوجي.

في المقابل، فإن 70% من المناطق المحمية الجديدة تقع في غابات معتدلة، رغم أنها لا تحتوي على أعداد كبيرة من الأنواع المعرضة للانقراض.

التكاليف والحلول المقترحة

يُقدّر الباحثون أن حماية هذه الضرورات في المناطق المدارية سيكلف حوالي 34 مليار دولار سنويًا على مدى خمس سنوات. هذا الرقم يعادل أقل من 0.2% من الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة، وأقل من 9% من الإعانات السنوية لقطاع الوقود الأحفوري عالميًا.

يشير الباحث آندي لي إلى أن هذا الاستثمار البسيط نسبيًا يمكن أن يحدث فارقًا كبيرًا في الحفاظ على التنوع البيولوجي العالمي، وخاصة في ظل تراجع فعالية استعادة المواطن المتدهورة، والتي قد تستغرق وقتًا أطول مما تتيحه سرعة الانقراض الحالية.

لماذا يجب التحرك الآن؟

تشير الدراسات إلى أن 2.8% فقط من النظم البيئية البرية على الأرض لا تزال سليمة بالكامل. ومن بين هذه المناطق، فقط 11% مشمولة في محميات طبيعية. ومع استمرار تدهور المواطن الحيوية، تصبح حماية ما تبقى من البرية أولوية قصوى لإنقاذ أكبر عدد ممكن من الأنواع قبل فوات الأوان.

الخاتمة

تُظهر هذه الدراسة أن الحلول الذكية والمدروسة قد تكون أكثر فعالية من الخطط الواسعة غير الموجهة. حماية 1.2% فقط من أراضي الأرض، إذا ما تم اختيارها بعناية، قد تنقذ آلاف الأنواع من الانقراض. إنها فرصة فريدة للمجتمع الدولي للقيام بتحرك حاسم لحماية الحياة البرية على كوكب الأرض — ليس من خلال الكمية فقط، بل من خلال التركيز على النوعية والأهمية البيئية الفعلية.

Scroll to Top