تشير دراسة جديدة إلى أن مكملات فيتامين د قد تساهم في تأخير عملية الشيخوخة الخلوية عبر منع فقدان التيلوميرات، وهي تسلسلات من الحمض النووي تقع في نهايات الكروموسومات وتقل طولا مع تقدم السن. على الرغم من أن الآثار الصحية لهذه النتائج غير واضحة بعد، إلا أن الدراسة تقدم رؤى جديدة حول الآليات البيولوجية المحتملة لفيتامين د.
ما هي التيلوميرات ودورها في الشيخوخة؟
تلعب التيلوميرات دورًا مهمًا في استقرار الكروموسومات خلال انقسام الخلايا. ومع كل انقسام للخلايا، تتقلص هذه التيلوميرات، حتى تصل إلى طول معين يتوقف عنده انقسام الخلايا وتموت. هذا الفقد التدريجي للتيلوميرات يُعتبر جزءًا من عملية الشيخوخة الطبيعية، حيث يساهم في زيادة عدد الخلايا الميتة في الجسم ويؤدي إلى تدهور الوظائف الحيوية.
لكن تجدر الإشارة إلى أن التيلوميرات ليست مقياسًا دقيقًا للصحة، حيث يمكن أن يؤدي الطول الزائد للتيلوميرات إلى زيادة خطر الإصابة بالسرطان من خلال استقرار الخلايا المتحولة.
نتائج الدراسة وتأثير فيتامين د
في دراسة VITAL، تم اختيار 26,000 مشارك من النساء فوق 55 عامًا والرجال فوق 50 عامًا لتلقي مكملات فيتامين د أو زيت السمك أو كليهما أو دواء وهمي. وجد الباحثون أن الأفراد الذين تناولوا 2000 وحدة دولية يوميًا من فيتامين د شهدوا تقليصًا أقل في تيلوميراتهم مقارنةً بالمجموعة الوهمية على مدى أربع سنوات، بينما لم يظهر زيت السمك تأثيرًا كبيرًا.
أشارت النتائج إلى أن فيتامين د قد يبطئ عملية تقليص التيلوميرات، مما قد يفتح المجال لفهم أفضل لكيفية تأثير فيتامين د على الأمراض المزمنة المرتبطة بالشيخوخة.
التحليل العلمي والإمكانات السريرية
أوضحت الباحثة جوان مانسون أنه إذا تم تكرار النتائج في تجارب عشوائية أخرى، فقد تترجم إلى تأثيرات سريرية للأمراض المزمنة المرتبطة بالشيخوخة. حيث تم توضيح أن فيتامين د يمكن أن يقلل من الالتهابات وبعض أنواع السرطان المتقدمة وأمراض المناعة الذاتية.
ومع ذلك، حذرت ماري أرمانيوس من جامعة جونز هوبكنز من أن الفروق في طول التيلوميرات التي ظهرت في الدراسة تقع ضمن النطاق الطبيعي للتباين البشري، وقد لا ترتبط فعليًا بالشيخوخة أو الشباب بأي معنى سريري.
التحديات والاعتبارات المستقبلية
تطرقت الدراسة إلى بعض التحديات مثل استخدام تقنية “qPCR” لقياس طول التيلوميرات، وهي طريقة حساسة للعوامل الزمنية وجمع العينات. كذلك، أظهرت دراسة بريطانية أن مستويات فيتامين د المرتفعة جدًا قد ترتبط بتقصير التيلوميرات، مما يشير إلى أن المزيد ليس دائمًا أفضل.
كما أن معظم المشاركين في الدراسة الجديدة كانوا من العرق الأبيض، مما يستدعي تكرار الدراسة في عينات أكثر تنوعًا لفهم تأثيرات فيتامين د بشكل أعمق.
الخاتمة
تلقي الدراسة الجديدة الضوء على إمكانيات فيتامين د في تأخير الشيخوخة الخلوية، لكن على الرغم من النتائج المثيرة، يبقى من الضروري إجراء المزيد من الأبحاث لتأكيد هذه النتائج وفهم تأثيراتها السريرية بشكل أفضل. يُنصح بمكملات فيتامين د حاليًا لفئات محددة مثل الأشخاص فوق 75 عامًا أو المصابين بمقدمات السكري، مما يعزز من أهمية الدراسة في توجيه التوصيات الصحية المستقبلية.