مشروع إعادة تجميد الجليد البحري في القطب الشمالي: تجربة جديدة في الهندسة الجيولوجية

مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجات الحرارة ونقص ضوء الشمس، يتوجه العلماء إلى القطب الشمالي الكندي بمعداتهم وأدواتهم. هدفهم: إعادة تجميد الجليد البحري في المنطقة. يُعرف هذا المشروع باسم “إعادة تثخين الجليد البحري في القطب الشمالي” أو RASi، ويهدف إلى ضخ مياه البحر ورشها على الجليد الموجود بالفعل لتجميده.

التجربة وآلية العمل

يهدف مشروع RASi إلى ضخ مياه البحر من المحيط ورشها على قمة الألواح الجليدية القائمة، حيث ستقوم درجات الحرارة المنخفضة بتجميدها لتكوّن طبقة جليدية أكثر سمكًا. يأمل الباحثون أن تساعد هذه العملية في تخفيف بعض الأضرار الناتجة عن ارتفاع درجات الحرارة العالمية.

في الوقت الحالي، يُعتبر هذا المشروع مجرد تجربة صغيرة نسبيًا. خلال المواسم الشتوية الثلاثة المقبلة، يخطط الباحثون لإعادة تجميد مناطق تصل مساحتها إلى كيلومتر مربع واحد. وسيقومون بتقييم تأثير المشروع على البيئة المحلية وحركة الجليد البحري، وكذلك مدة ذوبانه مرة أخرى في الصيف.

تمويل الحكومة البريطانية للهندسة الجيولوجية

يُعد مشروع RASi واحدًا من بين عدد قليل من التجارب في الهندسة الجيولوجية التي تمولها الحكومة البريطانية. أعلنت وكالة الأبحاث المتقدمة والاختراع في المملكة المتحدة (ARIA) أنها ستستثمر حوالي 60 مليون دولار في أبحاث تهدف إلى تبريد المناخ، موزعة بين 21 مشروعًا.

تأسست ARIA في عام 2023 لدعم مجموعة متنوعة من مجالات البحث، من الذكاء الاصطناعي إلى الهندسة الوراثية، لكن استثماراتها في الدراسات الجيوهندسية تُعتبر من بين مشاريعها الأكثر جدلاً. وقد زادت حدة النقاش مع دفع الأبحاث الجديدة الحلول التقنية إلى مجال الإمكانية.

الجدل والانتقادات

يعتقد مؤيدو الأبحاث أن العالم لا يقلل من انبعاثات الغازات الدفيئة بسرعة كافية لتحقيق أهداف اتفاقية باريس المناخية. وعلى الرغم من أن تقليل الانبعاثات الكربونية لا يزال الطريقة الأهم لمعالجة تغير المناخ، إلا أنهم يرون أن العلماء يجب أن يفهموا الفوائد والمخاطر المحتملة لتكنولوجيا التبريد المناخي.

من ناحية أخرى، يشعر منتقدو الهندسة الجيولوجية بالقلق من أن التركيز الزائد عليها قد يشتت انتباه القادة العالميين عن جهودهم لتقليل استخدام الوقود الأحفوري وخفض الانبعاثات.

التجارب الأخرى والتحديات

انتهت بعض التجارب الجيولوجية الحديثة وسط انتقادات عامة، بما في ذلك تجربة SCoPEX من جامعة هارفارد وتجربة تفتيح السحب من جامعة واشنطن. كما أدى تجربة غير مصرح بها في عام 2022 من قبل شركة Make Sunsets في باجا كاليفورنيا، المكسيك، إلى حظر الهندسة الجيولوجية الشمسية من قبل الحكومة المكسيكية.

تتضمن معظم مشاريع ARIA الجديدة نماذج حاسوبية أو مراقبة مناخية أو تساؤلات اجتماعية تتعلق بالحكم والأخلاقيات المحيطة بالهندسة الجيولوجية. فقط خمسة مشاريع تتضمن تجارب في الهواء الطلق، لكنها الأكثر تكلفة، بمجموع جوائز يبلغ حوالي 32 مليون دولار. حصل مشروع RASi على أكبر تمويل من بين جميع المشاريع، بمبلغ 13 مليون دولار على مدى 42 شهرًا.

الخاتمة

يُعد مشروع إعادة تثخين الجليد البحري في القطب الشمالي جزءًا من الجهود العالمية لاستكشاف إمكانيات الهندسة الجيولوجية كحل لمواجهة تغير المناخ. وبينما يستمر الجدل حول فاعلية وأخلاقية هذه الحلول، يبقى الواقع هو أن العالم يحتاج إلى حلول مبتكرة لمواجهة التحديات البيئية الكبرى. سواء نجحت هذه التجارب أو لا، فإنها تقدم بيانات مهمة يمكن أن تؤثر على القرارات العالمية المستقبلية بشأن تكنولوجيا التبريد المناخي.

Scroll to Top