في حياتنا اليومية، نمر بفترات نبتعد فيها عن الأنشطة التي نستمتع بها، سواء كان ذلك بسبب ضغوط العمل أو الظروف الشخصية أو حتى الأحداث العالمية مثل جائحة كوفيد-19. من الطبيعي أن نتوق للعودة إلى تلك الأنشطة بمجرد أن تتاح لنا الفرصة. لكن في الواقع، تظهر الدراسات أن الناس غالبًا ما يؤجلون العودة إلى هذه المتع المفقودة، لماذا يحدث ذلك؟
تأثير الوقت المدرك على العودة
وفقًا لدراسة حديثة نشرتها مجلة PNAS Nexus، فإن إدراك الأفراد للمدة التي قضوها بعيدًا عن الأنشطة الممتعة يلعب دورًا كبيرًا في تأجيلهم للعودة. كلما شعر الشخص بأنه بعيد لفترة طويلة، كلما زاد احتمالية تأجيله للعودة إلى تلك الأنشطة.
توضح الدراسة من خلال سلسلة من التجارب والاستطلاعات أن هذه الظاهرة ليست مجرد تأجيل للمتعة، بل هي تأجيل مقصود لجعل اللحظة الأولى للعودة أكثر خصوصية. هذا يعني أن الأفراد ينتظرون اللحظة المثالية التي تجعل عودتهم تبدو بمثابة احتفال خاص.
الرغبة في جعل العودة مميزة
أحد الأسباب الرئيسية التي تدفع الناس لتأجيل العودة إلى الأنشطة الممتعة هو الرغبة في جعل العودة تجربة مميزة. يعبر الأفراد عن رغبتهم في أن تكون اللحظة التي يعودون فيها إلى نشاط ما لحظة خاصة، وكأنهم يعوضون عن الوقت الذي فقدوه.
أظهرت التجارب أن الأشخاص يميلون إلى تأجيل التواصل مع الأصدقاء بعد انقطاع طويل، حتى وإن كان التواصل بسيطًا مثل إرسال رسالة نصية. هذا التأجيل يمكن أن يكون له آثار سلبية على سعادتهم الفورية، ولكنه يعكس الرغبة في جعل العودة أكثر أهمية.
البحث عن اللحظة المثالية
أحد الجوانب النفسية المثيرة للاهتمام في هذه الدراسة هو كيف يبحث الناس عن اللحظة المثالية للعودة. بدلاً من الاستفادة من الفرصة الأولى المتاحة، يفضلون الانتظار حتى يشعرون أن اللحظة مناسبة تمامًا. هذا السلوك يمكن أن يؤدي إلى تأجيلات غير ضرورية تؤثر على سعادتهم ورضاهم الفوري.
أحد الأمثلة التي استعرضتها الدراسة كانت بعد انتهاء عمليات الإغلاق الناجمة عن جائحة كوفيد-19. أظهرت الاستطلاعات أن الأمريكيين فضلوا الانتظار لفترة أطول قبل العودة إلى الأنشطة الاجتماعية مثل زيارة المطاعم أو حضور الحفلات، على أمل أن تكون العودة أكثر إشباعًا.
الخاتمة
تكشف هذه الدراسة عن جانب مثير للاهتمام من السلوك البشري وهو العلاقة بين المتعة والتأجيل. على الرغم من أن الأفراد يتوقون للعودة إلى الأنشطة التي يحبونها، إلا أن الرغبة في جعل العودة تجربة خاصة تجعلهم يؤجلون ذلك. هذا التأجيل يمكن أن يكون له تأثيرات سلبية على سعادتهم الفورية، ولكنه يعكس البحث عن اللحظة المثالية. من المهم أن ندرك أن العودة إلى المتع المفقودة لا تحتاج لأن تكون مثالية لتكون مجزية، وأن اللحظات العادية يمكن أن تكون بنفس القدر من الإشباع.