في خطوة ثورية نحو تحسين إدارة الألم المزمن، قام الباحثون في مختبر زو بجامعة كاليفورنيا الجنوبية بالتعاون مع مجموعة جون تشين بجامعة كاليفورنيا لوس أنجلوس بتطوير محفز كهربائي لاسلكي قابل للزرع يعتمد على الموجات فوق الصوتية. هذا الجهاز الجديد يمثل قفزة نوعية في مجال علاج الألم، حيث يتيح تحفيز الحبل الشوكي دون الحاجة إلى بطاريات كبيرة أو عمليات جراحية متكررة.
مزايا المحفز الكهربائي اللاسلكي القابل للزرع
الجهاز الجديد يتميز بمرونته وقدرته على التكيف مع حركة الجسم، حيث صُمم ليكون مرنًا وقابلًا للانحناء والالتواء بما يتناسب مع وضع الحبل الشوكي. وبفضل استخدامه للطاقة اللاسلكية عبر الموجات فوق الصوتية، يتمكن الجهاز من العمل دون الحاجة إلى بطاريات، مما يقلل من تعقيد العمليات الجراحية ويحسن من راحة المريض.
يعتمد المحفز على عنصر بيزوكهربي مصغر مصنوع من مادة تيتانات الزركونات الرصاصية، والتي تعتبر مادة ذات كفاءة عالية في تحويل طاقة الموجات فوق الصوتية إلى إشارات كهربائية لازمة للتحفيز.
آلية عمل المحفز اللاسلكي
يعمل المحفز عن طريق تلقي الطاقة من جهاز إرسال موجات فوق صوتية خارجي يمكن ارتداؤه. تقوم هذه الموجات باختراق الأنسجة بعمق وتحويلها إلى طاقة كهربائية باستخدام تأثير البيزوكهرباء، مما يوفر التحفيز اللازم للحبل الشوكي لإعادة توازن الإشارات العصبية التي تنقل الألم وتثبيطها.
كما يستخدم الجهاز خوارزميات تعلم آلي متقدمة لتخصيص العلاج لكل مريض، حيث يقوم بتحليل الإشارات الدماغية لتصنيف مستويات الألم وتعديل شدة التحفيز وفقًا لذلك، مما يوفر إدارة شخصية وفورية للألم.
النجاح التجريبي والنتائج المخبرية
تم اختبار الجهاز في نماذج حيوانية، حيث أظهرت التجارب فعاليته في تخفيف الألم العصبي المزمن الناتج عن المحفزات الميكانيكية والحرارية. وقد أظهرت الفئران تفضيلًا واضحًا للمكان الذي كان فيه الجهاز نشطًا، مما يؤكد فعالية الجهاز.
أثبتت التجارب المخبرية أن التحفيز من الجهاز أدى إلى تخفيضات كبيرة في مؤشرات الألم، مما يفتح آفاقًا جديدة لعلاج الألم المزمن بطرق أكثر فعالية وأقل تدخلاً.
آفاق مستقبلية لتطوير الجهاز
يأمل الباحثون في تحسين تصميم الجهاز ليكون أكثر صغرًا وقابلاً للزرع بطرق أقل تدخلاً، مثل الحقن بالإبر. كما يمكن تطوير جهاز الإرسال ليكون جهازًا صغير الحجم يمكن ارتداؤه أو حتى وصلة للموجات فوق الصوتية تجمع بين قدرات التصوير وتوصيل الطاقة للمراقبة في الوقت الحقيقي والتحفيز المستهدف.
قد يتم التحكم في الإصدارات المستقبلية من الجهاز عبر تطبيقات الهواتف الذكية، مما يوفر إدارة شخصية أكثر قوة للألم.
الخاتمة
يمثل تطوير المحفز اللاسلكي القابل للزرع باستخدام الموجات فوق الصوتية تقدمًا كبيرًا في إدارة الألم المزمن. بفضل تصميمه المرن وتكامله مع خوارزميات الذكاء الاصطناعي، يقدم الجهاز علاجًا ديناميكيًا وشخصيًا يتكيف مع الطبيعة المتغيرة والفردية للألم المزمن. يتطلع الباحثون إلى تطبيقات مستقبلية للجهاز، مما يوفر حلولًا أقل تدخلاً وأكثر فعالية لعلاج الألم.