تعتبر الدورة الكربونية أداة أساسية في فهم تغير المناخ، وذلك لأنها تلعب دورًا حاسمًا في تنظيم مناخ الأرض. في هذا السياق، يبرز دور الغابات كعناصر حيوية في هذه الدورة، حيث تخزن حوالي 80% من الكربون الأرضي. لذا، فإن فهم وتحليل هذه الدورة يمكن أن يكون له تأثير كبير على السياسات البيئية وإدارة الغابات.
أهمية الغابات في الدورة الكربونية
تعتبر الغابات بمثابة رئتي الكوكب، فهي تقوم بامتصاص كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون وتخزينه. هذه العملية تساعد في تقليل كمية الغاز الدفيء في الغلاف الجوي، مما يسهم في تنظيم درجات حرارة الأرض. كما أن الغابات تعمل كمخازن ضخمة للكربون، مما يقلل من تأثيرات تغير المناخ.
واحدة من التحديات الرئيسية في دراسة الغابات هي قياس الكتلة الحيوية فوق الأرض. الطرق التقليدية التي تعتمد على القياسات الأرضية تستهلك الكثير من الوقت والجهد، وتكون محدودة في قدرتها على تغطية مساحات واسعة. لذلك، تأتي الحاجة لاستخدام تقنيات حديثة لتوسيع نطاق البحث وتحسين الدقة.
تقنيات حديثة لقياس الكتلة الحيوية
في دراسة حديثة نُشرت في مجلة “Ecological Informatics”، تم استخدام معلومات من الأقمار الصناعية المفتوحة المصدر مثل NASA’s Global Ecosystem Dynamics Investigation LiDAR (GEDI LiDAR) وCopernicus Sentinel satellites. هذه التقنيات تسمح بقياس ارتفاع المظلة الشجرية والهيكل العمودي بدقة عالية.
كما تم استخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات، حيث تم اختبار أربعة خوارزميات للتعلم الآلي، وهي: Gradient tree boosting، random forest، classification and regression trees (CART)، وsupport vector machine. حققت الخوارزمية الأولى أعلى دقة وأقل نسبة خطأ، مما يشير إلى أهمية اختيار النموذج المناسب لتحليل البيانات.
نتائج وآفاق البحث
أكدت الدراسة أن دمج مصادر البيانات المختلفة مثل بيانات Sentinel-2 البصرية، ومؤشرات الغطاء النباتي، والخصائص الطوبوغرافية مع بيانات GEDI LiDAR يعزز من دقة التقديرات. هذا النهج المتعدد المصادر يعتبر ضروريًا للحصول على خرائط دقيقة للكتلة الحيوية.
من خلال تحسين دقة قياس الكتلة الحيوية، يمكن للحكومات والمنظمات تتبع امتصاص الكربون والانبعاثات بشكل أكثر دقة، مما يدعم اتخاذ قرارات مستنيرة تحافظ على البيئة وتساعد في إدارة الغابات بشكل فعال.
الخاتمة
تشير هذه الدراسة إلى أن استخدام التكنولوجيا المتقدمة مثل الأقمار الصناعية والذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون له تأثير كبير في مجال أبحاث المناخ. على الرغم من التحديات مثل تأثيرات الطقس ونقص التغطية الجغرافية العالية الدقة ببعض المناطق، إلا أن التقدم في هذا المجال يوفر أدوات قوية لمواجهة تغير المناخ. مع تصاعد حدة المشكلة، يصبح اعتماد هذه التقنيات أمرًا لا غنى عنه لحماية كوكبنا.