لطالما كان استكشاف الكواكب الأخرى تحدياً كبيراً أمام العلماء والفلكيين عبر العصور. وقد أدت التطورات التكنولوجية الحديثة إلى توسيع آفاق الفهم والتعمق في دراسة الأجرام السماوية. من بين هذه التطورات الحديثة، يأتي جهاز المسبار الراديوي المضغوط الذي يعمل بالبطارية والمعروف باسم “مراقب الجاذبية الراديوي التصويري” (GIRO)، الذي يمكنه رسم خرائط دقيقة لتكوين الكواكب الخارجية والأجرام السماوية الأخرى.
مفهوم المسبار الراديوي GIRO
يُعد GIRO مسبارًا صغيرًا يعكس الإشارات الراديوية المرسلة من المركبة الفضائية التي حملته وأطلقته. وقد أوضح المهندس الرئيسي في ناسا، رايان بارك، أن هذا المسبار مصمم لقياس التغيرات الطفيفة في حقول الجاذبية للكواكب والأقمار والكويكبات. نُشر هذا المفهوم الجديد في مجلة “علوم الكواكب” في مايو الماضي.
يعمل المسبار جنبًا إلى جنب مع المركبة الفضائية المضيفة في مدار حول الجسم المستهدف. وتؤدي التغيرات في حقل الجاذبية إلى تغييرات طفيفة في مدارات كلا المسبار والمركبة الفضائية، والتي يمكن قياسها باستخدام تأثير دوبلر في الإشارات الراديوية.
استخدامات المسبار الراديوي GIRO
يعتبر GIRO أداة قوية وعالية الدقة لاستكشاف الفضاء في المستقبل. من خلال تحليل توقيعات دوبلر ورسم خرائط لهذه الحقول الجاذبية بدقة عالية، يمكن للباحثين استنتاج الهيكل الداخلي والديناميكيات للكواكب والأقمار وغيرها من الأجرام السماوية. تساعد هذه النتائج في الإجابة على أسئلة جوهرية حول الكتلة والكثافة والتكوين وتاريخ التكوين وإمكانية النشاط الجيولوجي أو البركاني.
يعتبر GIRO مفيداً بشكل خاص في استكشاف البيئات الخطرة، وفي الحالات التي تتطلب استرجاع حقول جاذبية دقيقة، أو عندما تكون فرص جمع البيانات محدودة. مثال على ذلك هو البيئة المعقدة والخطرة التي تشكلها حلقات كوكب أورانوس.
التحديات والابتكارات
يتضمن تصميم تجربة الجاذبية لـ GIRO تحديات خاصة تتعلق بكيفية التخطيط للمهمة. للحصول على بيانات دقيقة، يجب إطلاق المسبارات في مدارات محددة بعناية تتيح قياسات جاذبية دقيقة مع الحفاظ على اتصال راديوي قوي مع المركبة الفضائية الرئيسية.
تكون المسبارات في مهمات الكواكب الخارجية تعمل بالبطارية، لذا يجب إتمام جميع القياسات قبل نفاد البطاريات بعد عشرة أيام. ولكن، في المهمات الأقرب إلى الشمس، يمكن شحن البطاريات باستخدام ضوء الشمس.
الخاتمة
يُعد GIRO تقدمًا مهمًا في مجال استكشاف الفضاء، حيث يتيح فهماً أعمق للأجرام السماوية والتكوين الداخلي للكواكب والأقمار. يفتح هذا المسبار آفاقًا جديدة لاستكشاف الأجرام الصغيرة وأنظمة الكواكب البعيدة، مما يسهم في تعزيز فهمنا لكيفية تشكيل وتطور الكواكب وإمكانية وجود الحياة فيها. مع تطوير هذه التكنولوجيا، يمكن دمج GIRO في المهمات الفضائية المستقبلية، مما يجعل استكشاف الفضاء أقل تكلفة وأكثر كفاءة.