تشهد المدن حول العالم تغيرات كبيرة في بيئتها الحرارية نتيجة للتغير المناخي والتحضر المتزايد. هذه التغيرات تؤدي إلى زيادة شدة الكوارث الطبيعية مثل الطقس الحار الشديد والأمطار الغزيرة، مما يتطلب استراتيجيات فعالة للتخفيف من حدة هذه الظواهر والتكيف معها.
دراسة تأثير إطلاق الحرارة الحضرية على الطقس المحلي
في محاولة لفهم كيفية تقليل إطلاق الحرارة الحضرية للتخفيف من تطور العواصف الرعدية والأمطار المحلية، قام فريق من الباحثين في جامعة كيوتو بإجراء محاكاة رقمية باستخدام نموذج الأرصاد الجوية المتوسط النطاق. تم اختيار حدث مطري في مدينة أوساكا بتاريخ 27 أغسطس 2023 كحالة دراسية، حيث وقعت هذه الأمطار في فترة ما بعد الظهر الصيفية دون تأثيرات من إعصار أو جبهة جوية.
قام الفريق بإجراء سلسلة من المحاكاة التحكمية مع ظروف ابتدائية مختلفة، تلتها مجموعة من التجارب الرقمية التي تم فيها تقليل تدفقات الحرارة المحسوسة على السطح في المناطق الحضرية والبرية، بهدف دراسة تأثير هذه التغيرات على كثافة وكمية الأمطار في أوساكا.
نتائج التجارب وأهميتها
أظهرت النتائج أن تقليل إطلاق الحرارة في المناطق الحضرية يمكن أن يؤدي إلى التخفيف والتحكم في الأمطار المحلية خلال فترات ما بعد الظهر الصيفية. وصرح الباحث الرئيسي كينتا إيري بأن تنظيم إطلاق الحرارة الحضرية كوسيلة لتعديل الطقس يعد نهجاً واعداً في التحكم بالأمطار المحلية.
تأتي هذه النتائج في إطار الحاجة المتزايدة للاستعداد للتغيرات في الطقس القاسي مثل الأمطار الغزيرة والرياح القوية التي أصبحت جزءاً من الحياة اليومية في البيئات الحضرية والسكنية نتيجة للتغير المناخي والاحترار الحضري.
التطبيقات المستقبلية والاستفادة من النماذج الرقمية
يعمل الباحثون حالياً على استخدام نموذج رقمي عالي الدقة يمثل البيئات الحضرية الفعلية للتحقيق في تأثير إطلاق الحرارة من المباني والشوارع في المدن الحقيقية. يخططون للجمع بين هذا النموذج الرقمي ونموذج الأرصاد الجوية المتوسط النطاق لتقييم كيفية التحكم في الأمطار المحلية من خلال تقليل إطلاق الحرارة الحضرية.
يعبر الباحث تيتسويا تاكيمي عن حماسه لهذه الاكتشافات قائلاً: “نأمل في مواصلة تطوير دراستنا حول الطقس القاسي في المدن والمساهمة في التخفيف من هذه المشاكل بشكل أكبر.”
الخاتمة
تشير الأبحاث الحديثة إلى أن تنظيم إطلاق الحرارة الحضرية يمكن أن يكون أداة فعالة للتخفيف من تأثيرات الطقس القاسي في المدن. في ظل التغيرات المناخية المستمرة، يصبح من الضروري تطبيق مثل هذه الاستراتيجيات للتكيف مع البيئة المتغيرة وضمان سلامة وراحة السكان. من خلال الفهم الدقيق للتفاعلات بين التحضر والتغير المناخي، يمكننا تطوير حلول مبتكرة لمواجهة التحديات المستقبلية.