في عالم الطبيعة، هناك العديد من الكائنات التي تتألق في الظلام، وليس فقط تلك التي تنبعث منها الضوء ذاتيًا مثل الأسماك والحبار. بل أن العديد من الثدييات تتألق أيضًا، ولكن ليس من خلال التلألؤ الحيوي، بل عن طريق التلألؤ الضوئي، وهي عملية بيولوجية مختلفة يمكن ملاحظتها عند تسليط الضوء فوق البنفسجي أو الأزرق عليها.
ما هو التلألؤ الضوئي؟
التلألؤ الضوئي هو عملية يتم فيها امتصاص الضوء الخارجي وإعادة إصداره بطول موجي أقل. هذا يختلف عن التلألؤ الحيوي الذي يعتمد على تفاعلات كيميائية داخل الكائن لإنتاج الضوء. في التلألؤ الضوئي، الكائنات تمتص الضوء ذو الطاقة العالية مثل الأشعة فوق البنفسجية وتعيد إصداره بطول موجي أقل.
تشمل أنواع التلألؤ الضوئي كل من الفلوريسنس والفوسفوريسنس. في الفلوريسنس، يتم إعادة إصدار الضوء فور امتصاصه، بينما في الفوسفوريسنس، يمكن أن يستمر الضوء لبعض الوقت بعد إزالة مصدر الضوء.
الثدييات الأسترالية المتألقة
أظهرت دراسة حديثة أن العديد من الثدييات الأسترالية تمتلك فروًا متألقًا، ومن بين هذه الحيوانات الفأرية الشكل كالباندكوت والأبوسوم والجرذ والكوال. كشفت الدراسة أن الفرو يحتوي على مركبات كيميائية تعرف باللومينوفورات التي تتسبب في هذا التألق.
من خلال تحليل كيميائي للفرو باستخدام تقنية الكروماتوغرافيا السائلة عالية الأداء، تمكن الباحثون من تحديد العديد من المركبات الفريدة التي تسبب هذا التألق، مثل البروتوبورفيرين واليوروبورفيرين والكوبروبورفيرين.
التلألؤ الضوئي في الباندكوت
الباندكوت الشمالي ذو الأنف الطويل (Perameles pallescens) هو أحد الأنواع التي تمت دراستها، ويتميز فروه بتألق وردي عند تعرضه للضوء فوق البنفسجي. أوضح الباحثون أن هذا التألق يعود لوجود بروتوبورفيرين ومركبات بورفيرين أخرى في فروه.
كما أظهرت الدراسة أن هذه المركبات قد تكون شائعة في أنواع أخرى من الثدييات مما يفتح الباب لمزيد من البحوث حول دور هذه المركبات في الطبيعة.
أهمية الدراسة
تعتبر هذه الدراسة الأولى من نوعها التي تتناول التركيب الكيميائي للفرو المتألق في أنواع معينة من الثدييات الأسترالية. النتائج قد تساهم في فهم أعمق لآليات التألق في الكائنات الحية وكيف يمكن أن يكون لها دور في سلوكياتها البيئية.
كما أن الدراسة تساهم في زيادة الوعي بوجود هذا النوع من التلألؤ في الثدييات، مما قد يفتح آفاقًا جديدة لدراسات مستقبلية في مجالات البيولوجيا والكيمياء.
الخاتمة
تُظهر الدراسة أن التلألؤ الضوئي ليس مقتصرًا على الكائنات البحرية فقط، بل يمتد ليشمل العديد من الثدييات الأسترالية. هذا التألق يعود لمركبات كيميائية خاصة في الفرو، تساهم في لفت الانتباه إلى تعقيد الحياة الطبيعية والمركبات الكيميائية الفريدة التي تلعب دورًا في سلوك الحيوانات وبيئتها. هذه النتائج تساهم في إثراء المعرفة العلمية وتفتح الباب لأبحاث مستقبلية في هذا المجال المثير.