تطوير نظام توصيل الأدوية باستخدام أقفاص البروتين

في خطوة رائدة في مجال الكيمياء الحيوية، نجح فريق من الباحثين بقيادة الدكتور تايلور سزيشكا والأستاذ المساعد يو هينغ لاو من جامعة مشهورة في تطوير أقفاص بروتينية يمكنها تعبئة أدوية العلاج الكيميائي الشائعة. هذا البحث يساهم في تحسين دقة توصيل الأدوية السامة للخلايا، التي عادة ما تستخدم في العلاج الكيميائي، حيث تعمل على قتل الخلايا المستهدفة ولكن قد تسبب آثارًا جانبية كبيرة إذا لم تُوجه بدقة إلى موقع المرض المستهدف.

أهمية البروتينات في الحياة البشرية

تُعتبر البروتينات جزءًا أساسيًا من وجودنا، حيث يوجد 42 مليون بروتين في كل خلية بشرية. تتكون البروتينات من 20 نوعًا مختلفًا من الأحماض الأمينية، وتحدد خصائص هذه الأحماض الأمينية طبيعة ووظيفة البروتين. على سبيل المثال، كل عملية تحدث داخل الخلية، بدءًا من بناء أغشيتها الواقية وصولاً إلى إنتاج الطاقة، تتطلب وجود البروتينات.

وفي هذا السياق، قال الدكتور سزيشكا: “تقريبًا كل شيء يحدث في الخلية يعتمد على البروتين”. هذه الأهمية البالغة للبروتينات في العمليات الخلوية جعلت من تطويرها وتوظيفها في مجالات أخرى أمرًا مثيرًا للاهتمام والتحدي.

تطوير أقفاص البروتين

يركز فريق البحث على تطوير أقفاص البروتين، وهي مجموعات من البروتينات المتطابقة المرتبطة معًا لتشكيل غلاف كروي. يركز الباحثون على نوع معين من هذه الأقفاص يسمى الإنكابسولينات، والتي تتميز بقدرتها العالية على حماية محتوياتها من الهجمات الخارجية ومنع تسربها.

تم اكتشاف الإنكابسولين المستخدم في هذا البحث لأول مرة في بكتيريا عثر عليها في كومة سماد عضوي في عام 2019. قام فريق الدكتور سزيشكا بإعادة هندسة الإنكابسولين الجديد من خلال دمجه مع بروتين آخر، مما منعه من التجمع قبل إضافة الدواء، حيث لو حدث ذلك، لم يكن الإنكابسولين ليستطيع حمل أو نقل الأدوية.

تجربة ناجحة مع دوكسوروبيسين

قام الباحثون بتحميل الإنكابسولين المطور بدواء دوكسوروبيسين، وهو دواء لعلاج السرطان، وتمكنوا من تحفيز تجميعه بنجاح في المختبر خارج الكائن الحي. أشار الدكتور سزيشكا إلى أن “دوكسوروبيسين هو دواء مرئي بالفلوروسنت، والإشارة الفلورية التي اكتشفناها بعد التحميل أظهرت أن الدواء تم تعبئته بنجاح أثناء تجميع الإنكابسولين المحفز”.

هذا الإنجاز يمثل أول مرة يمكن فيها للإنكابسولينات تحميل الأدوية بكفاءة. سابقًا، كان هذا يمكن أن يتم فقط عن طريق تفكيك الإنكابسولينات، وتحميلها بالدواء، ثم إعادة تجميعها، وهي عملية معقدة تضعف من استقرار الإنكابسولين.

الخطوات المستقبلية في البحث

تمثل هذه النتائج المرحلة الأولى من استغلال الإنكابسولينات كنظام دقيق لتوصيل الأدوية. يأتي الآن الدور على مهندسي البروتين للعمل على تحسين الغلاف الخارجي للإنكابسولين بحيث يمكنه استهداف خلايا محددة. إذا كان يحمل دواءً مصممًا لعلاج مرض في الكبد، على سبيل المثال، يجب أن يجد الإنكابسولين طريقه إلى خلايا الكبد.

كما قال الدكتور سزيشكا: “لقد بنينا السيارة، والآن نحتاج لتعلم كيفية قيادتها”. هذه العبارة تلخص التحدي المقبل في توجيه الإنكابسولين إلى الهدف المحدد بدقة وفعالية.

الخاتمة

يمثل هذا البحث خطوة هامة نحو تطوير تقنيات توصيل الأدوية باستخدام أقفاص البروتين، مما قد يقلل من الآثار الجانبية للأدوية السامة للخلايا ويحسن من فعاليتها. تبقى هناك تحديات كبيرة أمام الباحثين لضمان دقة التوجيه واستقرار الإنكابسولينات في الجسم البشري، ولكن الإمكانات التي يوفرها هذا البحث تفتح آفاقًا جديدة في مجال الطب والعلاج الكيميائي.

Scroll to Top