العلاقة بين أمراض اللثة ومشاكل القلب: اكتشاف جديد يثير الفضول العلمي

لطالما لاحظ الأطباء أن الأشخاص الذين يعانون من التهاب اللثة، وهو شكل شائع من أمراض اللثة، يكونون أكثر عرضة لمشاكل القلب والأوعية الدموية. وقد ربط تحليل تلوي حديث بين هذا المرض وزيادة بنسبة 30% في خطر الإصابة بالرجفان الأذيني، وهو اضطراب خطير في نظم القلب يمكن أن يؤدي إلى السكتة الدماغية وفشل القلب ومضاعفات تهدد الحياة. تتزايد الآن الفضول العلمي حول كيفية مساهمة أمراض اللثة في هذا الارتفاع.

التهاب اللثة: سبب محتمل للمشاكل القلبية

أشارت الأبحاث السابقة إلى أن الالتهاب هو السبب المحتمل. عندما تتجمع خلايا المناعة في اللثة لمحاربة العدوى، يمكن أن تتسرب الإشارات الكيميائية التي تطلقها إلى مجرى الدم، مما يغذي الالتهاب الجهازي الذي قد يؤدي إلى تلف الأعضاء البعيدة عن الفم.

ومع ذلك، ليس الالتهاب هو الخطر الوحيد الذي يفر من اللثة الملتهبة. فقد اكتشف الباحثون الحمض النووي للبكتيريا الضارة في اللثة في عضلة القلب وصماماته وحتى في اللويحات الشريانية الدهنية.

البكتيريا الفموية وتأثيرها على القلب

من بين هذه البكتيريا، جذبت البكتيريا المسببة لأمراض اللثة (P. gingivalis) اهتمامًا خاصًا لدورها المشتبه في قائمة متزايدة من الأمراض الجهازية، بما في ذلك الزهايمر، والسكري، وبعض أنواع السرطان. وقد تم اكتشافها سابقًا في الدماغ والكبد والمشيمة.

لكن كيف تتمكن هذه البكتيريا من التمسك بالقلب كان غير واضح. تقدم دراسة نُشرت في مجلة “سيركوليشن” الدليل الأول الواضح على أن هذه البكتيريا يمكن أن تنتقل من اللثة إلى الأذين الأيسر في كل من النماذج الحيوانية والبشر، مما يشير إلى مسار ميكروبي محتمل يربط بين التهاب اللثة والرجفان الأذيني.

البحث في الرابط بين أمراض اللثة والرجفان الأذيني

للمحاكاة لكيفية هروب البكتيريا الفموية وإحداث الدمار في أماكن أخرى، أنشأ الباحثون نموذجًا فئرانيا باستخدام سلالة W83 الشديدة للجرثومة. تم تقسيم الفئران الذكور البالغة من العمر 13 أسبوعًا إلى مجموعتين: واحدة تم إدخال السلالة فيها إلى لب الأسنان، والأخرى بقيت غير مصابة.

أظهرت الاختبارات أنه بحلول الأسبوع الثامن عشر، كانت الفئران المعرضة للبكتيريا أكثر عرضة بست مرات لتطوير اضطرابات في نظم القلب، بمعدل تحفيز للرجفان الأذيني بلغ 30% مقارنة بـ5% فقط في المجموعة الضابطة.

آثار الدراسة على صحة الإنسان

وفي دراسة بشرية منفصلة، حلل الباحثون أنسجة الأذين الأيسر من 68 مريضًا بالرجفان الأذيني الذين خضعوا لجراحة القلب. وتم العثور على البكتيريا هناك أيضًا، وبكميات أكبر لدى الأشخاص الذين يعانون من أمراض لثة شديدة.

تشير هذه النتائج إلى أن العناية بالأسنان قد تلعب دورًا مهمًا في الوقاية من الرجفان الأذيني وعلاجه.

الخاتمة

تشير الدراسة إلى أن العناية الجيدة باللثة قد تكون أكثر أهمية مما نعتقد، ليس فقط للحفاظ على صحة الفم، ولكن أيضًا لحماية القلب من الأمراض الخطيرة. إن فهم العلاقة المعقدة بين صحة الفم وصحة القلب يمكن أن يفتح أبوابًا جديدة في العلاج والوقاية من الأمراض القلبية. بالتالي، قد يصبح التعاون بين المتخصصين الطبيين وطب الأسنان أمرًا حيويًا لتحسين الرعاية القلبية في المستقبل.

Scroll to Top