تشير دراسة حديثة إلى تأثير كبير للتغير المناخي على حرائق الغابات في الولايات المتحدة، مما أدى إلى زيادة الوفيات بسبب الجسيمات الدقيقة في الهواء. هذه الدراسة تسلط الضوء على الأبعاد الصحية والاقتصادية لهذه الظاهرة المتزايدة، مع التركيز على المناطق الغربية من البلاد.
التغير المناخي وحرائق الغابات
شهدت الولايات المتحدة في عام 2020 حرائق تاريخية، خاصة في الشمال الغربي والمناطق الغربية مثل كاليفورنيا وكولورادو وأريزونا. وقد أظهرت الدراسات أن التغير المناخي يزيد من حدة هذه الحرائق، حيث أن ارتفاع درجات الحرارة والجفاف يساهمان في زيادة المساحات المحترقة سنويًا.
وفقًا للبحث الذي قادته جامعة ولاية أوريغون، فإن التغير المناخي مسؤول عن زيادة كبيرة في الجسيمات الدقيقة المحمولة في الهواء نتيجة الحرائق. هذه الجسيمات التي تعرف باسم PM2.5 يمكن أن تتعمق في الرئتين وتدخل مجرى الدم، مما يشكل تهديدًا خطيرًا على صحة الإنسان.
الوفيات المرتبطة بالحرائق والجسيمات الدقيقة
خلال فترة الدراسة الممتدة من 2006 إلى 2020، قُدر أن 164,000 وفاة حدثت بسبب جسيمات PM2.5 الناتجة عن حرائق الغابات. من بين هذه الوفيات، يمكن إرجاع 15,000 حالة إلى التغير المناخي بشكل مباشر. بدون هذا التغير، كان العدد ليكون 149,000 وفاة فقط.
يبلغ معدل الوفيات السنوي بسبب جسيمات PM2.5 الناتجة عن الحرائق 5.14 لكل 100,000 شخص. هذا الرقم يضاعف تقريبًا معدل الوفيات السنوي في الولايات المتحدة بسبب الأعاصير المدارية.
العبء الاقتصادي للوفيات الناجمة عن الحرائق
بالإضافة إلى التأثير الصحي، فإن الوفيات الناجمة عن حرائق الغابات تشكل عبئًا اقتصاديًا ضخمًا. بلغ العبء الاقتصادي المرتبط بالـ 15,000 وفاة الإضافية بسبب PM2.5 حوالي 160 مليار دولار. يشمل هذا العبء خسائر الإنتاجية وتكاليف الرعاية الصحية وقيمة الإحصائية لحياة الإنسان.
تُظهر الدراسة أن العبء الاقتصادي كان الأكبر في ولايات كاليفورنيا وأوريغون وواشنطن، حيث تركزت الحرائق الكبرى والأضرار الصحية الناجمة عنها.
التوقعات المستقبلية وآثار التغير المناخي
وفقًا لتوقعات الدراسة، فإن استمرار عدم اتخاذ إجراءات جادة لمكافحة التغير المناخي سيؤدي إلى زيادة في الوفيات المرتبطة بالجسيمات الدقيقة بنسبة 50% بحلول منتصف القرن. هذا يعني زيادة في الأضرار المالية السنوية لتصل إلى 244 مليار دولار.
تشير النتائج إلى أن انبعاثات PM2.5 من الحرائق قد زادت بشكل كبير بسبب التغير المناخي، مما أثر سلبًا على جودة الهواء في عدة مناطق. إذا لم تُتخذ خطوات عاجلة لتغيير المسارات المناخية وإدارة الأراضي والسيطرة على النمو السكاني، فإن التأثيرات الصحية للتغير المناخي عبر دخان الحرائق ستزداد سوءًا.
الخاتمة
أظهرت الدراسة بوضوح أن التغير المناخي يفاقم خطر حرائق الغابات، مما يؤدي إلى زيادة في الوفيات والتكاليف الاقتصادية. تؤكد النتائج على الحاجة الملحة لاتخاذ إجراءات للتخفيف من آثار التغير المناخي والسيطرة على انبعاثات الجسيمات الدقيقة الناتجة عن الحرائق. بدون هذه الجهود، فإن الصحة العامة والاقتصاد سيتعرضان لمزيد من الأضرار في السنوات القادمة.