الألم المزمن تجربة معقدة تتجاوز الإحساس الجسدي لتشمل بُعدًا عاطفيًا قويًا. أصبحت السيطرة على العواطف وسيلة واعدة لتخفيف هذا الألم، وفقًا لدراسة حديثة نُشرت في مجلة JAMA Network Open. تعتمد الدراسة على استخدام العلاج السلوكي الجدلي (DBT) كنهج جديد يركز على تنظيم العواطف لتحسين حالة المرضى الذين يعانون من الألم المزمن.
الألم المزمن وتنظيم العواطف
يُعرف الألم بأنه مزمن إذا استمر لأكثر من ثلاثة أشهر، ويؤثر على نحو 20% إلى 30% من السكان. ورغم أن الألم يبدأ عادة كإحساس جسدي، إلا أنه يرتبط بشدة بالعواطف. يتساءل الباحثون: إذا تمكن الإنسان من السيطرة على العواطف الناتجة عن الألم، هل يمكن أن يقلل ذلك من المعاناة الجسدية الأساسية؟
إجابة على هذا السؤال، لجأ الباحثون إلى استخدام العلاج السلوكي الجدلي (DBT)، الذي يركز على العواطف بدلاً من الأفكار أو الأحاسيس الجسدية. في السابق، أظهرت الأبحاث أن تقنيات تغيير أنماط التفكير، مثل العلاج السلوكي المعرفي (CBT)، لم تكن فعالة في تخفيف الألم.
النهج الهجين في العلاج
تتميز الدراسة بدمج نهج هجين يعتمد على جلسات جماعية مع معالج عبر الإنترنت، ودليل يحتوي على أوراق عمل، وتطبيق جوال للمساعدة في بناء مهارات تنظيم العواطف. تم تقسيم المشاركين في الدراسة إلى مجموعتين: مجموعة استخدمت علاج DBT الهجين، وأخرى استمرت في نظام إدارة الألم المعتاد.
أظهرت النتائج أن هذا النهج يمكن أن يكون فعالًا، لكنه يتطلب وقتًا لظهور التحسينات. بعد تسعة أسابيع، أظهر المرضى تحكمًا أفضل في عواطفهم مع تقليل كبير في اضطراب العاطفة. بينما بعد 21 أسبوعًا، كانت النتائج أقوى وأكثر انتشارًا، مع تخفيض ملحوظ في مستويات الألم والاكتئاب.
تخفيف الألم والاكتئاب
رغم أن الدراسة كانت صغيرة الحجم، إلا أن النتائج تشير إلى أن تقنية DBT تستحق الاستكشاف والتوسع. بدأ بالفعل بعض الأطباء في استهداف اضطراب العاطفة كجزء من استراتيجيات علاج المرضى الذين يعانون من الألم المزمن. يمكن لهذه الدراسة أن تساهم في توسيع وتكثيف هذا النهج.
بالإضافة إلى تخفيف الألم والاكتئاب، أثرت التقنية بشكل طفيف في تقليل التوتر والقلق وتحسين جودة النوم لدى المشاركين.
الخاتمة
تشير هذه الدراسة إلى الدور المهم الذي يمكن أن تلعبه العواطف في تجربة الألم المزمن. من خلال التركيز على تنظيم العواطف، يمكن أن يحصل المرضى على تحسن في مستويات الألم والاكتئاب. رغم أن هذه التقنية لا تزال في مراحلها الأولى وتحتاج إلى مزيد من البحث، إلا أنها توفر بُعدًا جديدًا في علاج الألم المزمن، مما يمكن أن يغير من طريقة تعاملنا مع هذه المشكلة الصحية الشائعة.