في عام 1971، شهد العالم حدثًا فريدًا من نوعه عندما وضع رواد فضاء ناسا تمثالًا صغيرًا يُعرف باسم “رائد الفضاء الساقط” على سطح القمر. هذا التمثال الذي صممه النحات البلجيكي بول فان هوي دونك أصبح رمزاً لتكريم الرواد الذين فقدوا حياتهم في سبيل استكشاف الفضاء. في عام 2023، غادر فان هوي دونك الحياة عن عمر يناهز 99 عامًا، تاركًا خلفه إرثًا فنيًا يعبر عن شغفه بالفضاء والفن.
التمثال القمري: “رائد الفضاء الساقط”
في الثاني من أغسطس عام 1971، قام قائد مهمة أبولو 15، ديفيد سكوت، بوضع تمثال صغير مصنوع من الألمنيوم مع لوحة تذكارية تحتوي على أسماء 14 رائد فضاء وكوزمونوت لقوا حتفهم أثناء مهماتهم الفضائية. كان هذا التمثال فكرة بول فان هوي دونك الذي أراد من خلاله الاحتفاء بالإنسانية وهي ترتقي إلى الفضاء.
تم تعديل التمثال ليتناسب مع متطلبات ناسا ولإعادة صياغة غرضه كتحية لأولئك الذين ضحوا بحياتهم في سبيل استكشاف الفضاء. التقى فان هوي دونك برواد الفضاء قبل شهر من انطلاق المهمة ليقدم لهم التحفة الفنية التي ستغادر الأرض إلى الأبد.
الجدل حول الفضل
رغم أن فان هوي دونك هو العقل المدبر وراء “رائد الفضاء الساقط”، إلا أن الفضل لم يُعترف به علنًا إلا بعد مرور وقت طويل. التزم ديفيد سكوت وناسا بعدم الكشف عن اسم الفنان لضمان عدم استغلال التمثال تجاريًا. ومع ذلك، عندما طلبت نسخة طبق الأصل من التمثال للعرض في متحف سميثسونيان الوطني للطيران والفضاء، أصبح اسم فان هوي دونك معروفًا للجمهور.
بعد سنوات، ظهرت تقارير تفيد بأن سكوت شكك في نسبة الفضل للفنان البلجيكي، مدعيًا أن التمثال تم تصنيعه بواسطة موظفي ناسا بناءً على تصاميم شائعة في تلك الفترات. هذه النقاشات لم تنل من مكانة التمثال كرمز لتكريم الرواد.
إرث فان هوي دونك الفني
بجانب “رائد الفضاء الساقط”، أنتج فان هوي دونك مجموعة من المنحوتات الفضائية التي عُرضت في مدن عالمية مثل ميلانو وطوكيو ومتحف غوغنهايم في نيويورك. كما كان محور الفيلم الوثائقي لعام 2020 “رائد الفضاء الساقط” الذي يتناول قصة التمثال الذي لم يصل أبدًا إلى القمر.
ولد فان هوي دونك في الثامن من أكتوبر عام 1925 في أنتويرب، بلجيكا، ودرس في معهد تاريخ الفن في بلدته الأصلية وكذلك في بروكسل. هذا التأهيل الأكاديمي والفني مكنه من المزج بين الفن والفضاء في أعماله.
الخاتمة
بوفاة بول فان هوي دونك، يفقد العالم فنانًا من الطراز العالمي الذي استطاع أن يربط بين الأرض والسماء من خلال أعماله الفنية. كان “رائد الفضاء الساقط” مجرد جزء من إرثه، لكنه يظل رمزًا خالدًا لتكريم الرواد الذين ضحوا بحياتهم من أجل استكشاف الفضاء. ستبقى أعماله الفنية خالدة في قلوب وعقول عشاق الفن والفضاء على حد سواء.