في السنوات الأخيرة، شهد العالم تزايدًا في ظهور الأمراض المعدية الجديدة والقاتلة، مما يشكل تهديدًا كبيرًا للصحة العالمية. من بين هذه الأمراض، ظهر فيروس جدري القردة كمصدر قلق جديد، خاصة بعد انتشار سلالة جديدة أكثر عدوى على مستوى العالم. ومع ذلك، يبدو أن لقاح LC16m8 يوفر أملًا جديدًا في مكافحة هذا الفيروس.
التاريخ والإطار العام للفيروس
جدري القردة ليس فيروسًا جديدًا تمامًا؛ فقد تم التعرف عليه لأول مرة في السبعينيات وكان مستوطنًا في بعض أجزاء إفريقيا. ومع ذلك، أدت السلالة الجديدة التي انتشرت في الآونة الأخيرة إلى زيادة القلق عالميًا بسبب قابليتها العالية للانتقال.
أدى هذا التحدي إلى دفع العلماء إلى البحث عن لقاحات فعالة وآمنة تستطيع التصدي لهذا الفيروس. وقد تم تطوير لقاح LC16m8 في اليابان في الأصل لمكافحة الجدري، لكنه أظهر فعالية كبيرة ضد جدري القردة في التجارب السريرية والقبل السريرية.
تجارب لقاح LC16m8
قاد الدكتور كوجي كوباياما من جامعة طوكيو فريقًا بحثيًا لدراسة فعالية وسلامة لقاح LC16m8 عبر ثلاثة أنواع من الحيوانات. تضمنت الدراسة تجارب على الفئران والقردة والبشر، حيث أُجريت تحاليل شاملة لتحديد استجابة الجهاز المناعي ومدى تحمل اللقاح.
في الفئران، تم تلقيح ثلاثة سلالات مختلفة بلقاح LC16m8، وقد أظهرت جميع السلالات استجابة مناعية قوية. كما أظهرت الفئران من سلالة CAST/EiJ قدرة على تقليل الحمولة الفيروسية في أنسجة الرئة، مما يدل على فعالية اللقاح في مواجهة الفيروس.
أما في القردة من نوع السنومولجوس، فقد تم حقن جرعات عالية من اللقاح ومراقبة الحالة الصحية لها من حيث الوزن ودرجة الحرارة وردود الفعل الموضعية أو الجهازية، حيث أظهرت النتائج سلامة اللقاح.
التطبيق على البشر
تم تلقيح متطوعين بالغين أصحاء بلقاح LC16m8، وتمت متابعة استجابتهم المناعية من خلال عينات الدم. أظهرت هذه العينات وجود أجسام مضادة معادلة ضد سلالات مختلفة من فيروس جدري القردة دون ظهور أي آثار جانبية خطيرة.
تؤكد هذه النتائج أن لقاح LC16m8 يمتلك تغطية واسعة، مما يعزز من سلامته وفعاليته. ومن المتوقع أن يساهم في تسريع عملية الموافقة على استخدامه في المناطق الأكثر عرضة لتفشي جدري القردة، خاصة في إفريقيا.
الخاتمة
تشير الدراسة إلى أن لقاح LC16m8 يمكن أن يكون خيارًا آمنًا وفعالًا وقابلًا للتوسع في مواجهة فيروس جدري القردة. توفر التحليلات المتعددة الأنواع التي استخدمت في هذه الدراسة خريطة طريق لتطوير لقاحات الجيل القادم ضد الفيروسات الجدريّة وغيرها من الأمراض المعدية الناشئة، مما قد يقلل من الوقت المستغرق من ظهور الفاشيات حتى الموافقة التنظيمية على اللقاحات وتوزيعها العام.
ومع الحاجة المستمرة لمزيد من الدراسات لتحسين فعالية وسلامة اللقاح، خاصة في الفئات الضعيفة، فإن هذه الدراسة تمهد الطريق لتحسين استراتيجيات الإدارة العالمية للأمراض المعدية، مما يساهم في خلق مجتمعات أكثر مرونة واستعدادًا لمواجهة التهديدات الوبائية المستقبلية.
