في عالم التحقيقات الجنائية، يعتبر الحمض النووي أحد الأدوات الأكثر أهمية في تحديد هوية المشتبه بهم. ومع التقدم التكنولوجي، بات بالإمكان استخدام الحمض النووي لإعادة بناء ملامح وجه المشتبه بهم بشكل ثلاثي الأبعاد، مما يفتح آفاقاً جديدة في مجال العدالة الجنائية.
التقنيات الحديثة في تحليل الحمض النووي
أظهرت الأبحاث الحديثة التي نشرت في مجلة “Advanced Science” أن تقنية جديدة تدعى “Difface” تمكن الباحثين من استخدام تعدد الأشكال النووي الأحادي (SNPs) لإنشاء نماذج ثلاثية الأبعاد لوجوه المشتبه بهم بناءً على الحمض النووي. هذا التقدم يمثل قفزة نوعية في استخدام التكنولوجيا الجينية في التحقيقات الجنائية.
تستخدم تقنية Difface اختلافات جينية بين الحروف الأحادية في الشيفرة الجينية لتجميع بيانات متعلقة بملامح الوجه. ثم تقوم بإنشاء ما يعرف بـ “غيوم النقاط ثلاثية الأبعاد”، وهي مجموعات من النقاط التي تمثل السطح الخارجي للوجه.
تطبيقات جنائية واعدة
تم اختبار هذه التقنية على قاعدة بيانات صينية من نوع هان، حيث أظهرت النتائج أن Difface قادرة على إعادة بناء ملامح الوجه بدقة عالية. بتحسين جودة الصور الثلاثية الأبعاد المولدة بإضافة معلومات مثل العمر والجنس ومؤشر كتلة الجسم.
وفقاً للدكتور لونان تشين من الأكاديمية الصينية للعلوم، فإن Difface لا تقتصر على إنشاء صور حالية فقط، بل يمكنها أيضاً التنبؤ بملامح الأفراد في أعمار مستقبلية مختلفة.
التحديات القانونية والأخلاقية
رغم الفوائد الكبيرة لاستخدام هذه التقنية في مجال التحقيقات الجنائية، إلا أن العديد من التحديات القانونية والأخلاقية تظل قائمة. من بين هذه التحديات، هناك مخاوف تتعلق بالخصوصية واستخدام البيانات بشكل غير مصرح به.
تشير الأبحاث إلى أن التنبؤ بملامح الأفراد من خلال المعلومات الجينية يمكن أن يزيد من المخاطر المتعلقة بإساءة استخدام البيانات الشخصية الحساسة، مما قد يؤدي إلى التمييز الجيني وانتهاك الخصوصية.
التحديات التقنية والعلمية
إلى جانب التحديات القانونية، هناك تحديات تقنية لا تزال بحاجة إلى التغلب عليها. على سبيل المثال، التعرف على الخصائص المختلفة يصبح أكثر صعوبة بين الأفراد الذين يتشاركون في تشابه جيني أكبر.
لضمان فعالية النموذج عبر مختلف المجموعات العرقية، يحتاج الباحثون إلى التحقق من صحة Difface باستخدام مجموعات بيانات من خلفيات إثنية متعددة، واستكشاف ما إذا كانت هناك حاجة إلى مواقع جينية إضافية لبعض الملامح الوجهية.
الخاتمة
يمثل استخدام تقنية Difface في إعادة بناء ملامح الوجه من خلال الحمض النووي تقدماً هائلاً في مجال التحقيقات الجنائية. لكنه يثير أيضاً قضايا قانونية وأخلاقية يجب معالجتها بعناية. بينما تقدم هذه التقنية إمكانيات غير مسبوقة في مجال العدالة الجنائية، يجب أن يتم استخدامها بمسؤولية لحماية حقوق الأفراد وخصوصيتهم.