تشهد منطقة عفار في إثيوبيا عملية جيولوجية فريدة من نوعها، حيث يتسبب عمود من الصخور المنصهرة في عمق الأرض في تمزيق القارة الأفريقية ببطء، مما قد يؤدي إلى ولادة محيط جديد في المستقبل البعيد.
ظاهرة عمود الوشاح
يُعتبر عمود الوشاح ظاهرة جيولوجية حيث ترتفع الصخور المنصهرة من أعماق الأرض إلى سطحها. وقد اكتشف فريق من الباحثين بقيادة إيما واتس من جامعة سوانسي في المملكة المتحدة أن هذا العمود يتصاعد وينخفض بشكل متكرر يشبه “نبض القلب”، مما يلعب دورًا أساسيًا في عملية التباعد القاري في منطقة عفار.
تشير النتائج إلى أن هذا النبض ليس فقط حركة ميكانيكية، بل يحمل توقيعات كيميائية مميزة، مما يساهم في فهم أعمق للتفاعل بين باطن الأرض وسطحها.
منطقة عفار: نقطة التقاء الصفائح التكتونية
تُعد منطقة عفار في شمال شرق إثيوبيا واحدة من المناطق القليلة على الأرض حيث تلتقي ثلاثة أنظمة من الصدوع التكتونية: صدع البحر الأحمر، وصدع خليج عدن، والصدع الإثيوبي الرئيسي. تستمر هذه الصفائح في التباعد على مدى ملايين السنين، مما يساهم في تمدد القشرة الأرضية وتخفيفها ثم انكسارها في نهاية المطاف، إيذانًا ببداية تكوين حوض محيطي جديد.
لطالما اشتبه الجيولوجيون في وجود عمود من الوشاح الساخن تحت هذه المنطقة، يُساهم في عملية التباعد، إلا أن الآلية التفصيلية لكيفية عمل هذا العمود كانت غير واضحة حتى الآن.
البحث والدراسة
لتحليل ما يحدث في أعماق الأرض، جمع الباحثون أكثر من 100 عينة من الصخور البركانية من منطقة عفار والصدع الإثيوبي الرئيسي. تم دمج هذه العينات مع بيانات جيوفيزيائية موجودة ونماذج إحصائية متقدمة لفهم بنية وتركيب القشرة الأرضية والوشاح تحتها.
أظهرت التحليلات وجود عمود واحد غير متماثل تحت المنطقة، مع أنماط كيميائية متكررة تُعرف بـ”الرموز الشريطية الجيولوجية”، مما يدل على أن العمود ينبض. هذا النبض يكون أكثر فاعلية في المناطق حيث تكون الصفائح أرق أو تتحرك بشكل أسرع، مثل صدع البحر الأحمر.
الخاتمة
تشير هذه الدراسة إلى أن تطور الارتفاعات العميقة في الوشاح مرتبط بشكل وثيق بحركة الصفائح التكتونية أعلاه. كما أن لها تأثيرات كبيرة على كيفية تفسير النشاط البركاني السطحي والنشاط الزلزالي وعملية تفكك القارات. من خلال فهم هذه العمليات، يمكن للعلماء توقع كيفية تأثيرها على التغييرات الجيولوجية المستقبلية في المنطقة.