كوكب سيريس: هل كان موطنًا للحياة؟

تعد كوكب سيريس أكبر جسم في حزام الكويكبات بين المريخ والمشتري، وقد اعتبر لفترة طويلة كجسم متجمد وخامل منذ عهد النظام الشمسي المبكر. ولكن تشير أبحاث جديدة إلى أنه قد يكون قد احتوى في الماضي على المكونات المناسبة لدعم الحياة الميكروبية البسيطة.

اكتشافات مهمة من مهمة داون

اعتمدت الدراسة الجديدة على بيانات من مركبة الفضاء داون التابعة لناسا، والتي فتحت الباب لإعادة تقييم إمكانية العيش على أجسام صغيرة وجليدية أخرى في النظام الشمسي. إذا كان سيريس قابلًا للسكن في أي وقت، فإن نافذته لدعم الحياة قد أغلقت منذ مليارات السنين. اليوم، سطحه بارد جدًا، مع تجمد معظم مياهه الجوفية في طبقة سميكة من الجليد، وبعضها بقي كملح محلول محاصر تحت السطح.

كشفت البيانات التي جمعتها داون عن تلميحات لماضٍ أكثر ديناميكية وتعقيدًا. ظهرت بقع لامعة بازغة على السطح، تبين أنها رواسب ملحية تركتها سوائل مالحة تسربت لأعلى. تشير الجزيئات العضوية المكتشفة في تربة سيريس إلى أن المكونات اللازمة للحياة كانت موجودة أيضًا.

مصدر الطاقة المفقود

حتى الآن، كان العنصر المفقود هو مصدر الطاقة اللازم لدعم الحياة. سيريس صغير بمعايير الكواكب، حيث يبلغ قطره 960 كيلومترًا فقط، أو حوالي ثلث عرض قمر الأرض. على عكس الأقمار الجليدية مثل أوروبا التابعة للمشتري وإنسيلادوس التابعة لزحل، والتي تبقى دافئة بفعل الجذب الجاذبي للكواكب العملاقة، لا يحتوي سيريس على مصدر طاقة خارجي لإطالة فترة قابليته للسكن.

تملأ الدراسة الجديدة هذا الفراغ باستخدام نماذج حاسوبية، حيث وجد الباحثون أن الاضمحلال الإشعاعي في نواة سيريس الصخرية قد يكون قد أنتج ما يكفي من الحرارة لدفع النشاط الحراري المائي قبل مليارات السنين.

التفاعل بين الماء والصخور

كان يمكن للماء المتداول داخل الكوكب أن يتفاعل مع الصخور الحارة، مما يحمل الغازات والمعادن إلى محيط عالمي، مما يخلق “غذاء” كيميائيًا للميكروبات، شبيهًا بالفتحات الحرارية المائية على قاع المحيط المظلم للأرض والتي تعج بالحياة.

قال الباحث صموئيل كورويل من جامعة ولاية أريزونا، الذي قاد الدراسة الجديدة: “على الأرض، عندما يختلط الماء الساخن من تحت الأرض مع المحيط، تكون النتيجة غالبًا مأدبة للميكروبات — وليمة من الطاقة الكيميائية”.

الخاتمة

حتى لو لم تتشكل الحياة على سيريس، فإن هذا الاكتشاف يمكن أن يساعد في توسيع نطاق البيئات التي يمكن أن تكون قابلة للسكن. على عكس العديد من العوالم المحيطية التي تدور حول كواكب عملاقة، لا يُدفع سيريس بالتسخين المدّي، مما يجعله دراسة حالة أكثر بساطة وكشفًا لكيفية تطور الأجسام الصغيرة والجليدية.

تشير الدراسة أيضًا إلى وجود مرشحين آخرين: عوالم جليدية بحجم سيريس تقريبًا، بما في ذلك بعض الأقمار التابعة لأورانوس وزحل، ربما تكون قد اتبعت مسارات تطور مشابهة واستضافت محيطات مؤقتة قادرة على دعم الحياة قبل أن تبرد إلى المناظر الطبيعية المتجمدة التي نراها اليوم.

Scroll to Top