اكتشافات جديدة في منطقة المثلث العفري بشرق أفريقيا

في قلب شرق أفريقيا، يبرز المثلث العفري كنقطة التقاء ثلاث مناطق صدع، حيث تتعرض قشرة الأرض للتشققات والانفصال. في حين أن العلماء لم يكونوا متأكدين تمامًا مما يسبب هذا التصدع، إلا أن دراسة جديدة في مجلة “Nature Geoscience” تشير إلى أن السبب يعود إلى نبضات إيقاعية من الصخور المنصهرة من أعماق الأرض.

الفرضيات العلمية حول بلوم المانتل

بدأ العلماء في السبعينيات من القرن الماضي بطرح فرضية أن هناك تدفقًا حارًا من مادة المانتل الأرضية تحت هذه المنطقة، يُعرف بالبلوم. منذ ذلك الحين، تباينت الآراء حول ما إذا كانت هذه الظاهرة ناجمة عن بلوم واحد كبير أو بلومات صغيرة متعددة أو شيء آخر تمامًا يقوم بدفع الصفائح الجيولوجية بعيدًا عن بعضها البعض.

إيما واتس، الجيوكيميائية من جامعة سوانسي في ويلز، قررت أن تحل هذا اللغز. بالتعاون مع فريق من علماء الجيوفيزياء والجيوكيمياء والعلماء الحاسوبيين، توصلت إلى إجابة محتملة.

تحليل العينات الجيولوجية من منطقة العفر

قام الفريق بتحليل 130 عينة صخرية من البراكين في منطقة العفر. ساعدت التوقيعات الكيميائية من كل عينة العلماء في تجميع حركة الصخور المنصهرة تحت سطح الأرض. حيث قام الباحثون بحساب نسب تركيز العناصر مثل الرصاص والسيريوم، والتي يمكن أن تشير إلى ما إذا كانت مادة المانتل العميقة قد اندفعت إلى الأعلى.

كما قاموا بتحليل نسب نظائر مختلفة نشأت من خزانات متنوعة داخل المانتل. بعد مقارنة البيانات مع نماذج حاسوبية لأشكال مختلفة من بلوم المانتل، وجد الباحثون أن أفضل تفسير لملاحظاتهم هو وجود بلوم واحد يتحرك في نبضات.

التفاعل بين البلوم والتصدعات الجيولوجية

تظهر النبضات تأثيرًا متباينًا على كل منطقة صدع، اعتمادًا على كيفية حركة الصدع وسمك القشرة على كل جانب. فصدع البحر الأحمر السريع الانتشار في المثلث العفري لديه نبضات تتحرك بشكل أوسع وأسرع مقارنة بصدع إثيوبيا الرئيسي البطيء الانتشار في الجزء الغربي من المثلث.

تقول واتس: “معدلات التصدع تتحكم بشكل كبير فيما نراه في البلوم”. وتوضح أن صدع البحر الأحمر ينتشر بسرعة أكبر، مما يتيح له مساحة أكبر للتحرك ويمتد بسهولة أكبر.

التداعيات المستقبلية للدراسة

العلاقة بين حركة المانتل والتوقيعات الجيوكيميائية مثيرة للاهتمام لأنها تقترح أن الجيوفيزياء والجيوكيمياء يمكن أن تتحد لاستنتاج عمليات جيوديناميكية كبيرة النطاق. هذه الدراسة تعتبر واحدة من الأمثلة الأولى لبلوم مانتل ديناميكي يستجيب للصفائح التكتونية أعلاه، مما يتطلب المزيد من الأبحاث لتأكيد النتائج.

تأمل واتس أن تُستخدم هذه التقنية في أنظمة صدع أخرى، وأن يوفر المزيد من البيانات من هذا النظام نظرة أكثر دقة عما يحدث في أعماق الأرض.

الخاتمة

تلقي هذه الدراسة الضوء على أحد أكثر الألغاز الجيولوجية تعقيدًا في العالم، حيث تقدم تفسيرًا جديدًا لحركة الصفائح التكتونية في منطقة المثلث العفري. من خلال تحليل عينات الصخور ومقارنة النتائج مع النماذج الحاسوبية، توصل الباحثون إلى وجود بلوم واحد يتحرك في نبضات، مما يفتح آفاقًا جديدة لفهم ديناميكيات الأرض. ومع تقدم الأبحاث في هذا المجال، قد نكون على أعتاب اكتشافات جديدة تغير فهمنا للعمليات الجيولوجية العميقة.

Scroll to Top