تشهد ساحة أنظمة تشغيل الهواتف الذكية تحولاً كبيراً، حيث لم تعد المنافسة محصورة في متاجر التطبيقات أو واجهات المستخدم، بل انتقلت إلى مجال الذكاء الاصطناعي. يأتي أحدث إصدار من هواوي، HarmonyOS 6، ليؤكد هذا التحول، حيث يعتمد النظام على وكلاء الذكاء الاصطناعي كأساس لتفاعلات المستخدم.
التحول إلى أنظمة تشغيل ذكية
الإصدار التجريبي لنظام HarmonyOS 6 يشير إلى تحول واسع في الصناعة حيث تتحول أنظمة التشغيل من منصات سلبية إلى وسطاء ذكية يمكنها التوقع والتعلم واتخاذ القرارات نيابة عن المستخدمين. يعتمد النظام الجديد على إطار عمل وكلاء الذكاء الاصطناعي، مما يتيح للمطورين إنشاء برامج آلية دون الحاجة إلى بناء أو تدريب نماذج أساسية من الصفر.
من خلال دمج قدرات الذكاء الاصطناعي مباشرة في طبقة نظام التشغيل، تسعى هواوي لجعل HarmonyOS 6 أساساً لتجارب الحوسبة من الجيل القادم، وهو ما يعكس الاتجاه الحالي لتحويل أنظمة التشغيل إلى منصات لنشر الذكاء الاصطناعي بدلاً من كونها مجرد قاذفات للتطبيقات.
التحديات والفرص في السوق
في مؤتمر للمطورين، لم يحدد ريتشارد يو، رئيس مجموعة أعمال المستهلكين في هواوي، موعداً لإطلاق HarmonyOS 6 للجمهور، لكنه أكد أن النظام سيدعم أكثر من 50 وكيلاً للذكاء الاصطناعي من منصات صينية معروفة مثل Weibo وXimalaya عند إطلاقه.
على الرغم من أن نظام HarmonyOS لا يزال متأخراً عن iOS من آبل وأندرويد من جوجل من حيث الانتشار العالمي ودعم التطبيقات، إلا أن الشركة تركز على التطبيقات الأساسية التي تشغل 99.9% من وقت المستخدمين على أجهزة هواوي، مما يعكس استراتيجية ناضجة للتنافس مع المنصات الراسخة.
توسيع النطاق الصناعي مع نماذج Pangu AI
قدمت هواوي أيضاً Pangu 5.5، وهو الأحدث في عائلة نماذج الذكاء الاصطناعي المخصصة للاستخدامات الصناعية. يحتوي نموذج معالجة اللغة الطبيعية على 718 مليار معلمة، بينما يتميز نموذج رؤية الكمبيوتر بـ 15 مليار معلمة، مما يجعلهما منافسين في مشهد الذكاء الاصطناعي الحالي.
تستهدف هواوي خمسة قطاعات متخصصة تشمل الطب والمالية والحكم والتصنيع والسيارات، مما يشير إلى أن الشركة تستخدم تطوير الذكاء الاصطناعي لتعزيز علاقاتها مع المؤسسات الصناعية في وقت يبقى فيه الوصول إلى السوق الاستهلاكية مقيداً بعوامل جيوسياسية.
التوسع في السوق الصينية والتحديات التقنية
وفقاً لشركة Canalys الاستشارية، شحنت هواوي أكثر من 103 مليون هاتف ذكي و21 مليون جهاز لوحي يعمل بنظام HarmonyOS، مع تسليم ما يقرب من النصف في عام 2024، مما يدل على تزايد الاعتماد الداخلي ويشير إلى أن النظام يكتسب زخماً في السوق المحلية الصينية.
علاوة على ذلك، توسعت الشركة في استخدام HarmonyOS ليشمل أجهزة الكمبيوتر المحمولة، حيث أطلقت مؤخراً جهازي لابتوب يعملان بالنظام. تسعى استراتيجية الأجهزة المتعددة إلى خلق تجربة برمجية موحدة مشابهة لنهج آبل، رغم أن التنفيذ في فئات الأجهزة المختلفة يقدم تحديات تقنية كبيرة.
الخاتمة
يمثل تطوير HarmonyOS 6 خطوة كبيرة في تحول هواوي من شركة تركز على الأجهزة إلى مزود للبرمجيات والخدمات. هذا التطور، الذي دفعته قيود قائمة الكيانات الأمريكية منذ عام 2019، أجبر الشركة على اتباع نهج مبتكر في تطوير التكنولوجيا ووضعها في السوق. مع استمرار التركيز على جودة التطبيقات وتطوير الذكاء الاصطناعي، قد تجد هواوي نفسها في موقع قوي للمنافسة في الأسواق المحلية والعالمية على حد سواء.
