في عالم الأبحاث العلمية، يواجه الباحثون تحديات كبيرة تتعلق بالمجلات المفترسة التي تستغل الباحثين عن طريق فرض رسوم عالية للنشر دون مراجعة حقيقية. لمواجهة هذا التحدي، طور فريق من علماء الحاسوب في جامعة كولورادو بولدر نظام ذكاء اصطناعي يهدف إلى تحديد المجلات المشبوهة وحماية مصداقية الأبحاث العلمية.
مفهوم النشر المفترس
تُعرف المجلات المفترسة بأنها تلك التي تستغل الباحثين من خلال فرض رسوم ضخمة للنشر دون تقديم خدمة مراجعة دقيقة. هذه المجلات تستهدف الباحثين، خاصة في الدول النامية، حيث الضغوط للنشر كبيرة والموارد محدودة. يشير الباحثون إلى أن هذه المجلات تساهم في إضعاف مصداقية الأبحاث العلمية.
منذ عام 2009، تم استخدام مصطلح “المجلات المفترسة” لأول مرة من قبل جيفري بيل، أمين مكتبة في جامعة كولورادو دنفر، لوصف هذه الظاهرة. ومنذ ذلك الحين، يسعى الباحثون جاهدين لمكافحة انتشارها.
دور الذكاء الاصطناعي في مكافحة النشر المفترس
أطلق فريق بحثي بقيادة دانيال أكونا، أستاذ مشارك في قسم علوم الحاسوب، نظاماً ذكاءً اصطناعياً يهدف إلى تحديد المجلات المشبوهة. يقوم النظام بتحليل مواقع المجلات وبياناتها عبر الإنترنت لتحديد مدى مصداقيتها. يعتمد الذكاء الاصطناعي على معايير مثل وجود هيئة تحرير موثوقة وعدد المقالات المنشورة.
من خلال تحليل أكثر من 15,000 مجلة مفتوحة الوصول، تمكن النظام من تحديد أكثر من 1,400 مجلة مشبوهة، مما يوفر للباحثين أداة قوية لتحديد المخاطر المحتملة.
التحديات والآفاق المستقبلية
رغم فعالية النظام في تحديد المجلات المشبوهة، إلا أنه ليس خالياً من الأخطاء. تشير التجارب إلى أن النظام قد يخطئ في تصنيف بعض المجلات كغير موثوقة رغم أنها شرعية. لذا، يرى الباحثون أن النظام يجب أن يُستخدم كأداة مساعدة في الغربلة الأولية، مع الاعتماد على الخبراء البشريين لاتخاذ القرارات النهائية.
يعمل الفريق على تحسين النظام ليكون أكثر شفافية في عمله، بحيث يتمكن المستخدمون من فهم سبب تصنيف مجلة معينة على أنها مشبوهة. كما يأملون في توفير النظام للمؤسسات الأكاديمية ودور النشر قريباً.
أهمية النظام في تعزيز الثقة في الأبحاث العلمية
يعتبر نظام الذكاء الاصطناعي هذا بمثابة “جدار حماية للعلم”، حيث يساعد في الحفاظ على مصداقية الأبحاث من خلال الحماية من البيانات غير الصحيحة. يشير أكونا إلى أن النظام يمكن أن يلعب دوراً مهماً في حماية الأبحاث من المجلات المفترسة، مما يعزز ثقة الجمهور في مصداقية الأبحاث العلمية.
الخاتمة
تمثل المجلات المفترسة تحدياً كبيراً للباحثين والمجتمع العلمي ككل. ومع تطور نظام الذكاء الاصطناعي الجديد، بات بالإمكان تحديد هذه المجلات بفعالية أكبر، مما يعزز مصداقية الأبحاث العلمية ويساعد في حماية المجتمع العلمي من البيانات المغلوطة. رغم أن النظام لا يزال بحاجة إلى تحسينات، إلا أنه يمثل خطوة مهمة نحو تحقيق بيئة بحثية أكثر أماناً وموثوقية.