شهد العالم تطورًا تقنيًا مذهلاً في اكتشاف المواد المحفزة التي يمكن أن تُحدث ثورة في إنتاج الهيدروجين الأخضر. تم تطوير أداة جديدة تُعرف باسم “المكتبة العملاقة” في جامعة نورث وسترن بالتعاون مع معهد أبحاث تويوتا، والتي تمكنت من اكتشاف مواد محفزة تجارية لإنتاج الهيدروجين في فترة زمنية قياسية.
تقنية المكتبة العملاقة
تعتبر المكتبة العملاقة أول مصنع بيانات للنانو مواد في العالم، حيث تحتوي كل مكتبة على ملايين الجزيئات النانوية المصممة بشكل فريد على شريحة صغيرة واحدة. باستخدام هذه التقنية، تمكن العلماء من فحص تركيبات معقدة لأربعة معادن وفيرة ورخيصة لاكتشاف مادة جديدة ذات أداء مماثل للمواد المعتمدة على الإيريديوم، ولكن بتكلفة أقل بكثير.
تمتاز المكتبة العملاقة بقدرتها على تسريع عملية اكتشاف المواد بشكل كبير، حيث تسمح للعلماء بالبحث بسرعة في عدد هائل من التركيبات المتاحة لهم لاكتشاف المواد التي تهمهم. وقد تم توجيه هذه القدرة نحو حل مشكلة كبيرة تواجه قطاع الطاقة، وهي العثور على مادة جيدة مثل الإيريديوم ولكن تكون أكثر وفرة وأرخص.
التحديات والحلول في إنتاج الهيدروجين الأخضر
مع اتجاه العالم نحو الابتعاد عن الوقود الأحفوري والسعي نحو إزالة الكربون، أصبح الهيدروجين الأخضر جزءًا أساسيًا من الحل. يعتمد إنتاج الطاقة الهيدروجينية النظيفة على عملية الانشطار المائي، والتي تتطلب محفزات فعالة لإتمام تفاعل تطور الأوكسجين (OER) بكفاءة.
تُعتبر المحفزات المعتمدة على الإيريديوم الأكثر فعالية في هذه العملية، ولكنها نادرة ومكلفة. لذلك، كان هناك حاجة ملحة لإيجاد بدائل أكثر وفرة وأقل تكلفة، وهو ما نجحت فيه تقنية المكتبة العملاقة.
إسهامات تقنية المكتبة العملاقة
ابتكر تشاد ميركن، أستاذ الكيمياء والهندسة في جامعة نورث وسترن، تقنية المكتبة العملاقة في عام 2016. وقد أظهرت هذه التقنية قدرتها على تسريع عملية اكتشاف المواد بشكل غير مسبوق، حيث تُمكن العلماء من تحديد التركيبات المثلى بسرعة فائقة.
تعتمد تقنية المكتبة العملاقة على مجموعة من الآلاف من النقاط المعدنية الصغيرة التي تُطبع على سطح معين، حيث تحتوي كل نقطة على مزيج مُصمم من أملاح المعادن. عند التسخين، تتحول هذه الأملاح إلى جزيئات نانوية منفردة ذات تركيبة وحجم دقيق.
نتائج الدراسة واكتشاف المادة الجديدة
في الدراسة الجديدة، احتوت الشريحة على 156 مليون جزيء، كل واحد منها مكون من تركيبات مختلفة من الروثينيوم والكوبالت والمنغنيز والكروم. قامت ماسحة روبوتية بتقييم أداء الجزيئات الأكثر وعداً في تنفيذ تفاعل تطور الأوكسجين.
أخيرًا، برزت تركيبة واحدة كمادة مميزة تحتوي على مزيج دقيق من المعادن الأربعة (Ru52Co33Mn9Cr6 oxide)، حيث أظهرت نشاطًا أعلى من الإيريديوم واستقرارًا ممتازًا.
الخاتمة
تشكل تقنية المكتبة العملاقة خطوة كبيرة نحو تسريع اكتشاف المواد الجديدة، مما قد يُحدث تحولاً جذريًا في كيفية البحث عن المواد في مختلف المجالات التكنولوجية. من خلال توفير بيانات ضخمة وعالية الجودة، يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي لتصميم الجيل القادم من المواد، ليس فقط في المحفزات ولكن أيضًا في البطاريات والأجهزة الطبية والمكونات البصرية المتقدمة.