تسعى ناسا ووكالة الفضاء الأوروبية منذ سنوات إلى تنفيذ مشروع طموح لجلب عينات من كوكب المريخ إلى الأرض. هذا المشروع المعروف باسم “عودة العينات من المريخ” (Mars Sample Return) يواجه تحديات كبيرة، منها التخفيضات المقترحة في ميزانية ناسا للعام 2026. في هذا المقال، سنستعرض تفاصيل المشروع، التحديات المالية والتقنية التي يواجهها، وآراء الخبراء حول أهميته المستقبلية.
تفاصيل مشروع عودة العينات
بدأت فكرة مشروع عودة العينات من المريخ في سبعينيات القرن الماضي، حيث كانت تهدف إلى تعديل مركبة الفايكنج لإجراء هذه المهمة. مع مرور الوقت، تطورت الفكرة وأصبحت أكثر تعقيدًا، لتشمل مركبات متعددة ومراحل متعددة لجمع وإعادة العينات.
تعتمد الخطة الحالية على المركبة “بيرسيفيرانس” التي تعمل حاليًا في حفرة جيزيرو على سطح المريخ. تقوم المركبة بجمع عينات من التربة والغلاف الجوي وتخزينها في أنابيب محكمة الإغلاق. الهدف هو إرسال مركبات مستقبلية لجلب هذه العينات إلى الأرض لفحصها باستخدام تقنيات حديثة.
التحديات المالية
وفقًا لمقترح ميزانية البيت الأبيض لعام 2026، يواجه مشروع عودة العينات تخفيضًا كبيرًا في التمويل، مما يهدد بإلغائه. تم وصف المشروع بأنه “مكلف للغاية” وأن أهدافه يمكن تحقيقها من خلال إرسال بعثات بشرية إلى المريخ.
تقديرات التكلفة الأخيرة تشير إلى أن المشروع قد يكلف حوالي 11 مليار دولار، مع إمكانية جلب العينات إلى الأرض في عام 2040. إلا أن بعض التقييمات الأخرى تشير إلى إمكانية تقليل التكلفة إلى 8 مليارات دولار مع تسريع الجدول الزمني إلى عام 2035.
أهمية المشروع
يشير الخبراء إلى أن إعادة العينات من المريخ ستوفر فوائد علمية كبيرة، مثل فهم أفضل للبيئة المريخية وتقييم المخاطر الصحية المحتملة على البشر من الغبار المريخي والمواد الكيميائية الضارة مثل البيركلورات.
كما أن هذا المشروع سيساعد في الحد من المخاطر التقنية المرتبطة بإرسال البشر إلى المريخ، من خلال إجراء أول رحلة ذهاب وإياب إلى الكوكب، وحل مشاكل حماية الكواكب من الميكروبات المريخية المحتملة.
آراء الخبراء والمستقبل
يعبر بعض الخبراء عن قلقهم من أن إلغاء المشروع قد يمثل تراجعًا في استكشاف النظام الشمسي وتطوير الفهم العلمي. يعتقد البعض الآخر أن هناك إمكانية لتحقيق الأهداف باستخدام تقنيات أخرى مثل نظام إطلاق ستارشيب من سبيس إكس.
يقترح روبرت زوبرين، مؤسس جمعية المريخ، استخدام الروبوتات الاستكشافية في البداية، ثم إرسال بعثات روبوتية، وأخيراً إرسال البشر إلى المريخ. لكنه يرى أن تحقيق ذلك يتطلب تركيزًا كاملاً من ناسا وسبيس إكس والإدارة الأمريكية.
الخاتمة
على الرغم من التحديات المالية والتقنية، لا يزال مشروع عودة العينات من المريخ يمثل خطوة هامة نحو استكشاف الكوكب الأحمر وفهم بيئته. يتيح المشروع تحسين الجاهزية للبعثات البشرية المستقبلية وتقليل المخاطر المحتملة. يجب على الجهات المعنية إعادة النظر في دعم هذا المشروع لضمان استمرارية التقدم في استكشاف الفضاء.