تعتبر اليابان من الدول الرائدة في تطوير أنظمة الإنذار المبكر للكوارث الطبيعية، خاصة الزلازل وأمواج التسونامي. بعد الكارثة التي حلت بها في عام 2011، والتي شهدت زلزالًا مدمراً أعقبه تسونامي هائل، بدأت اليابان في تطوير شبكة مراقبة تحت سطح البحر، تهدف إلى تحسين قدرة البلاد على التنبؤ والاستجابة لهذه الكوارث.
البداية: الزلزال المدمر لعام 2011
في عام 2011، تعرضت اليابان لزلزال عنيف بلغت قوته 9.0 درجات، اعتبر الأسوأ في تاريخها المسجل. بدأ هذا الزلزال في قاع المحيط الهادئ على بعد 45 ميلاً من الساحل الشرقي للبلاد. وعلى الرغم من أن أجهزة الاستشعار البرية تمكنت من اكتشاف الموجات الصادمة الأولى، إلا أنها لم تستطع تقديم قراءات واضحة حول حجم الزلزال أو أمواج التسونامي المتوقعة.
أدى هذا الزلزال إلى وفاة ما يقرب من 20,000 شخص، وأدى إلى كارثة في محطة فوكوشيما دايتشي للطاقة النووية، حيث تسببت في انصهار المفاعلات وتسرب المياه المشعة إلى المحيط.
تطوير نظام الإنذار المبكر: شبكة S-net
بعد أشهر قليلة من الزلزال، بدأت اليابان في بناء شبكة S-net (شبكة المراقبة الأرضية للزلازل والتسونامي)، والتي تربط شبكة الكشف عن الزلازل في البلاد بمنطقة الخندق الياباني، وهي منطقة نشطة زلزاليًا حيث بدأ زلزال 2011. تمتد كابلات هذه الشبكة على مسافة 3,540 ميلاً لتغطي مساحة 116,000 ميل مربع من المحيط.
تحتوي كل محطة في هذه الشبكة على 14 قناة استشعار مختلفة، بما في ذلك مقاييس الزلازل وأجهزة قياس التسارع، بالإضافة إلى أجهزة قياس الضغط لقياس الأمواج التي تمر من فوقها.
نظام DONET وN-net: تعزيز المراقبة الزلزالية
قبل بناء شبكة S-net، كانت اليابان قد بدأت في عام 2006 ببناء شبكة DONET في منطقة نانكاي، والتي اعتبرت أكثر المناطق الزلزالية خطورة في اليابان. وفي عام 2019، تم توسيع هذه الشبكة لتشمل شبكة N-net، التي تغطي بقية منطقة نانكاي.
بفضل هذه الشبكات، تزيد أوقات التحذير من الزلازل والتسونامي بمقدار 20 ثانية و20 دقيقة على التوالي، مما يتيح الوقت الكافي لإبطاء القطارات السريعة وتحذير المدن.
فوائد علمية إضافية
إلى جانب توفير التحذيرات المبكرة، توفر هذه الشبكات بيانات قيمة للعلماء لفهم كيفية عمل الفوالق الزلزالية بشكل أفضل، وتحديدًا ما يعرف بالأحداث البطيئة الانزلاق، والتي قد تكون مؤشرًا على حدوث زلازل كبيرة.
هذه الظواهر، التي تعتبر حركة بطيئة للفوالق دون حدوث زلازل، قد تكشف عن كيفية تخزين هذه الفوالق للإجهاد وكيفية بدء إطلاقه في بداية الزلزال.
الخاتمة
مع اكتمال نظام المراقبة الزلزالية في اليابان، تبرز البلاد كمثال رائد في كيفية استخدام التكنولوجيا لمواجهة الكوارث الطبيعية. إن هذا التطور لا يسهم فقط في حماية الأرواح والممتلكات، بل يوفر أيضًا رؤى قيمة للباحثين لفهم الظواهر الزلزالية بشكل أعمق. يظل التحدي هو توسيع مثل هذه الأنظمة لتشمل مناطق أخرى من العالم، مثل منطقة كاسكاديا في شمال غرب المحيط الهادئ، حيث لا تزال هذه التقنيات في مراحلها الأولية.


