في ظاهرة غريبة وغير مسبوقة، تم اكتشاف أن نهرًا جليديًا في القارة القطبية الجنوبية يقوم بسرقة الجليد من جاره. هذا الكشف الجديد، الذي تم توثيقه عبر صور الأقمار الصناعية، أثار اهتمام العلماء والمختصين في مجالات المناخ والبيئة. تعود أهمية هذا الاكتشاف إلى تأثيره المحتمل على ارتفاع مستويات البحار العالمية، وهو ما يجعل فهم هذه الظاهرة ضرورة ملحة.
دراسة الظاهرة: استخدام التقنية في الكشف عن القرصنة الجليدية
اعتمد فريق من الباحثين من جامعة ليدز على البيانات الصادرة من الأقمار الصناعية لقياس سرعة تدفق الأنهار الجليدية في الجزء الغربي من القارة القطبية الجنوبية. وركزوا بشكل خاص على منطقة باب، سميث وكوهلر، حيث لاحظوا تسارعًا ملحوظًا في ستة من الأنهار الجليدية السبعة المدروسة. هذا التسارع يعني أن الأنهار الجليدية تتحرك بسرعة تزيد عن 670 مترًا في السنة.
الظاهرة الأكثر إثارة للدهشة كانت في النهر الجليدي كوهلر ويست، الذي أظهر تباطؤًا بنسبة 10%، في حين أن جاره، كوهلر إيست، كان الأسرع نموًا. هذا التباين في السلوك بين الأنهار الجليدية المجاورة يعد دليلًا على حدوث قرصنة جليدية، حيث يقوم نهر جليدي بسرقة الجليد من جاره.
التغير المناخي والقرصنة الجليدية
يُعتبر التغير المناخي السبب الرئيسي وراء هذه الظاهرة. فالأنهار الجليدية تتفاعل مع التغيرات المناخية من خلال زيادة سرعتها في التدفق نحو المحيط. ومع تسارع تدفق الأنهار الجليدية، يصبح الجليد أرق وأكثر قابلية للتمدد، مما يزيد من احتمالية وقوع أعمال القرصنة الجليدية.
كما أن عملية قرصنة الجليد تحدث عندما يتم امتصاص الجليد من نهر جليدي إلى آخر، كما هو الحال مع كوهلر إيست وكوهلر ويست. هذا التفاعل الديناميكي بين الأنهار الجليدية له تأثير مباشر على بنية الأنهار الجليدية وكيفية تطورها في المستقبل.
الأثر العالمي لظاهرة القرصنة الجليدية
ارتفاع سرعة الأنهار الجليدية له آثار كبيرة على مستوى البحار العالمي. فبيانات ارتفاع مستوى البحار الحالية تشير إلى أن مستوى البحار قد ارتفع بأكثر من 10 سنتيمترات في العقد الأخير. ومع استمرار هذا الاتجاه، يُتوقع أن يكون أكثر من 410 مليون شخص في خطر بحلول عام 2100 بسبب ارتفاع مستوى البحار المرتبط بالتغيرات المناخية.
تتابع فرق البحث بانتظام التغيرات في الظروف التي تؤثر على سرعة تدفق الجليد، مثل ارتفاع درجة حرارة المحيطات، وتغيرات في دورات المحيطات، ودرجات الحرارة الجوية، وهطول الثلوج. يُستخدم ما يُعرف بخط الأرضية كأداة رصد حيوية لجمع الأدلة على عدم استقرار الصفائح الجليدية والاختلالات المحيطية والجليد الداخلي.
الخاتمة
ظاهرة قرصنة الجليد في القارة القطبية الجنوبية تقدم لنا لمحة عن التحديات الجديدة التي يفرضها التغير المناخي على النظام البيئي العالمي. إن فهم هذه الظاهرة والتعامل مع آثارها المحتملة على ارتفاع مستوى البحار أمر بالغ الأهمية. من خلال الدراسات المتواصلة واستخدام التكنولوجيا المتقدمة، يمكننا أن نتابع هذه التغيرات ونستعد لمواجهتها بفعالية أكبر في المستقبل.


