في دراسة حديثة ومثيرة للاهتمام، تمكن الباحثون من تتبع تلوث الزئبق في الجو على مدار أربعة عقود في أعلى نقطة في العالم، جبل إيفرست. هذه النتائج تشير إلى أن الجهود العالمية للحد من التلوث بدأت تؤتي ثمارها، حيث انخفضت مستويات الزئبق في الهواء بشكل كبير في العقدين الأخيرين. وقد لعبت مبادرات مثل اتفاقية ميناماتا دورًا كبيرًا في تحقيق هذا النجاح.
مصادر تلوث الزئبق
البشر يساهمون في زيادة مستويات الزئبق في الجو من خلال حرق الوقود الأحفوري، وحرق النفايات، والتعدين. هذه الأنشطة البشرية تشكل المصادر الرئيسية لانبعاثات الزئبق، والتي تسعى اتفاقية ميناماتا إلى استهدافها للحد من التلوث. يعد قياس فعالية الاتفاقية من خلال تحليل كمية الزئبق في الغلاف الجوي أحد الأساليب المستخدمة.
من الجدير بالذكر أن التربة تعد أكبر مصدر طبيعي للزئبق الغازي، ويمكن أن تتزايد مستويات الزئبق فيها بسبب التغيرات المناخية. هذا يعني أن هناك حاجة ماسة للتمييز بين الانبعاثات الجديدة الناتجة عن الأنشطة البشرية وإعادة الانبعاثات من الزئبق المخزن في التربة.
التقنيات المستخدمة في الدراسة
لإعادة بناء معلومات حول مستويات الزئبق في الجو في الماضي، لجأ الباحثون إلى أوراق نبات صغير ينمو في أراض مرتفعة على جبل إيفرست. يشبه هذا النبات الأشجار في طريقة نموه، حيث ينمو طبقة جديدة من الأوراق الخارجية كل عام، مما يعكس البيئة المحيطة به في ذلك الوقت. من خلال تحليل أوراق هذا النبات، تمكن الفريق من تتبع مستويات الزئبق في الجو حتى عام 1982.
كشفت الدراسة أن بين عامي 2000 و2020، انخفضت تركيزات الزئبق في الجو بنسبة 70%. وأظهرت النتائج أن انبعاثات الزئبق من التربة أصبحت تشكل جزءًا أكبر من إجمالي الانبعاثات عامًا بعد عام.
نتائج وإحصائيات الدراسة
تشير النتائج إلى أن التربة تصدر حاليًا زئبقًا بنسبة 62%، بينما تشكل المصادر البشرية 28% فقط من الانبعاثات. يعزو الباحثون هذا الانخفاض العام إلى تقليل الانبعاثات الناتجة عن الأنشطة البشرية، بفضل جهود مبادرات مثل اتفاقية ميناماتا.
كما تتوافق هذه الاتجاهات الملحوظة في بيانات نظائر الزئبق مع الانخفاضات في مستويات الزئبق في الغلاف الجوي التي تم تسجيلها في مناطق مختلفة من نصف الكرة الشمالي، والتي تم الإبلاغ عنها في دراسات سابقة.
الخاتمة
ختامًا، تؤكد هذه الدراسة على أهمية الجهود العالمية المبذولة للحد من تلوث الزئبق، والتي أظهرت نتائج ملموسة في خفض مستويات الزئبق في الجو. ومع ذلك، يشير الباحثون إلى الحاجة لتعزيز الجهود المستقبلية للحد من إعادة الانبعاثات من التربة، لضمان تحقيق بيئة أنظف وأكثر أمانًا للأجيال القادمة. إن فهمنا العميق لمصادر تلوث الزئبق وتقنيات قياسه سيمكننا من تبني سياسات فعالة للحفاظ على كوكبنا.


