تحليل جيولوجي يكشف عن أحداث نقص الأكسجين في المحيطات عبر الزمن

كشف بحث علمي حديث عن تفاصيل مثيرة حول فترات تاريخية شهدت انخفاضات كبيرة في مستويات الأكسجين في المحيطات، مصحوبة بارتفاعات كبيرة في مستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي. هذا البحث، الذي يعتمد على تحليل جيولوجي متقدم ونماذج مناخية حديثة، يقدم فهمًا أعمق للتغيرات المناخية القديمة وكيف يمكن أن تؤثر على مناخنا الحالي.

الجيوكيمياء والنمذجة المناخية: أدوات لفهم الماضي

اعتمد فريق البحث في هذه الدراسة على تحليل النوى الرسوبية المستخرجة من تكوين جيولوجي في جنوب الصين يُعرف بتتابع ناكينغ. من خلال دراسة التركيب الجيوكيميائي لهذه النوى، لا سيما نظائر اليورانيوم الكربونية، تمكن الباحثون من توثيق الظروف البيئية للأرض منذ 310 إلى 290 مليون سنة مضت.

وهذه الدراسة ليست مجرد تحليل للعينات الجيولوجية، بل تم دمجها مع نماذج مناخية متقدمة، حيث وضعت المعلومات المستخلصة من التحليل في إطار رياضي معقد وتمت تجربتها آلاف المرات على حاسوب فائق القوة. الهدف هو تقديم نموذج لما كان يمكن أن يكون عليه المناخ بشكل واقعي مع الأخذ في الاعتبار جميع الشكوك والمعطيات المتاحة.

الأحداث الأنكسية وتأثيرها على الحياة البحرية

أظهرت النتائج خمس فترات زمنية شهدت فيها المحيطات انخفاضًا في مستويات الأكسجين بنسبة تتراوح بين 4% و 12%. وعلى الرغم من أن هذه الفترات لم تتزامن مع انقراضات جماعية معروفة، إلا أنها ارتبطت بتوقفات في التنوع البيولوجي المسجل في السجلات الجيولوجية.

الأحداث الأنكسية، والتي تعني نقص الأكسجين في المحيط، لها تأثيرات ضارة على الحياة البحرية والتنوع البيولوجي. إذا تكررت مثل هذه الأحداث في حاضرنا، فقد تكون لها تأثيرات كبيرة على المناطق الساحلية التي تعتبر مهمة لمصايد الأسماك والتنوع البيولوجي البحري.

مقارنة بين الماضي والحاضر: تحذير من التاريخ

رغم أن الأرض قبل 300 مليون سنة كانت مختلفة بشكل كبير عن يومنا هذا، حيث كانت مستويات الأكسجين في الغلاف الجوي أعلى بكثير، إلا أن الزيادات في مستويات ثاني أكسيد الكربون كانت مماثلة لتلك التي نشهدها اليوم. وهذا يمثل تحذيرًا لنا من أن التأثير البشري على المناخ يمكن أن يؤدي إلى نتائج مشابهة.

وأوضح الباحثون أن المصدر الحالي لثاني أكسيد الكربون مختلف عن الماضي، حيث كانت الزيادات في الماضي ناتجة عن أنظمة طبيعية مثل الانفجارات البركانية، بينما اليوم يلعب النشاط البشري دورًا رئيسيًا في هذه الزيادات السريعة.

الخاتمة

توفر هذه الدراسة رؤى قيمة حول كيفية تأثير التغيرات في مستويات ثاني أكسيد الكربون على الأكسجين في المحيطات في الماضي، وتحمل رسائل تحذيرية حول المستقبل. يشير الاكتشاف إلى أن النشاط البشري قد يؤدي إلى أحداث نقص الأكسجين في المحيطات، مما قد يؤثر بشكل كبير على النظم البيئية البحرية. ومن المهم اتخاذ خطوات حاسمة لتقليل انبعاثات الكربون والحد من تأثيرات التغير المناخي.

Scroll to Top