تشكل حرائق الغابات جزءًا من الحياة في الغرب الأمريكي منذ زمن بعيد، إلا أن الظروف الأكثر حرارة وجفافًا تسهم في زيادة حجم هذه الحرائق وتكرارها لفترات أطول. ومع انتشار الدخان الناتج عن هذه الحرائق لمسافات أطول وبقاءه لفترات أطول من السابق، تظهر دراسة جديدة أجرتها جامعة ستانفورد أن استمرار الاحترار العالمي قد يؤدي إلى وفاة حوالي 30,000 شخص إضافي سنويًا في الولايات المتحدة بحلول عام 2050 نتيجة زيادة النشاط الناري وما ينتج عنه من تلوث بالدخان عبر أمريكا الشمالية.
تغيرات سريعة في نشاط حرائق الغابات
تشير الدراسة إلى أن نشاط حرائق الغابات والتعرض لدخانها يتغير بشكل سريع، وقد أصبح هذا واقعًا ملموسًا للأسف بالنسبة للأشخاص في الساحل الغربي خلال العقد الماضي وأيضًا لسكان الساحل الشرقي في السنوات الأخيرة. وفقًا لمارشال بورك، أحد كبار مؤلفي الدراسة وأستاذ العلوم الاجتماعية البيئية في ستانفورد، فإن الدراسة تضع أرقامًا واضحة حول ما يعنيه هذا التغيير في التعرض بالنسبة للنتائج الصحية الآن وفي المستقبل مع ارتفاع درجات الحرارة.
أظهرت الدراسة أنه لا يوجد مجتمع أمريكي آمن من التعرض للدخان. وعندما يتم تقويم الوفيات المرتبطة بدخان حرائق الغابات، يمكن أن تصل الأضرار السنوية إلى 608 مليار دولار بحلول عام 2050 وفقًا لسيناريو الانبعاثات المعتادة حيث ترتفع درجات الحرارة العالمية حوالي درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل الصناعة.
التلوث الفريد من نوعه
تنتج الوفيات من دخان حرائق الغابات عن استنشاق مزيج معقد من المواد الكيميائية. يمكن أن تعرض الحرائق أعدادًا كبيرة من الأشخاص لهذه الملوثات السامة لأيام أو أسابيع، مما يسهم في الوفيات حتى بعد ثلاث سنوات من التعرض الأولي، وفقًا للدراسة الجديدة.
تُركز الأبحاث عادة على الجسيمات الدقيقة المعروفة بـ PM2.5 ضمن تلوث دخان الحرائق، والتي تستطيع اختراق الرئتين والدخول إلى مجرى الدم. بينما تمت دراسة التأثيرات الصحية لهذه الجسيمات من مصادر أخرى بشكل جيد، إلا أن المخاطر المحددة لجسيمات PM2.5 من دخان حرائق الغابات لا تزال أقل فهمًا.
فهم تأثيرات المناخ
من خلال تحديد الأضرار الاقتصادية الناتجة عن الوفيات المتعلقة بالدخان، تكشف النتائج عن ضريبة خفية على الأسر والشركات. حتى في حال خفض العالم للانبعاثات بشكل سريع بما يكفي لتحقيق استقرار درجات الحرارة العالمية دون درجتين مئويتين بحلول نهاية القرن، فإن الوفيات بسبب التعرض للدخان المرتبط بالمناخ في الولايات المتحدة وحدها ستظل تتجاوز 60,000 حالة وفاة سنويًا بحلول عام 2050.
يُشير كيو، المؤلف الرئيسي للدراسة، إلى أن أدوات تقييم تأثيرات المناخ الرائدة التي تُستخدم لإبلاغ السياسات لا تدمج كيف يمكن أن تؤثر التغيرات المناخية على دخان حرائق الغابات والوفيات البشرية المرتبطة بها.
الخاتمة
تُظهر هذه الدراسة الحاجة الملحة لاتخاذ إجراءات من قبل مسؤولي الصحة العامة والمجتمعات للتخفيف من هذا التهديد المتزايد. يمكن للاستثمار في تحسين أنظمة تنقية الهواء الداخلي أن يساعد في تقليل التعرض للأفراد أو المجتمعات الضعيفة. كما يمكن أن تساعد الحرائق المقررة أو غيرها من الأساليب في إدارة الوقود في تقليل شدة حرائق الغابات والموجات الدخانية الناتجة عنها. في النهاية، يعد فهم من هو الأكثر ضعفًا أمام هذا التعرض هو خطوة مهمة نحو تخفيف الأضرار الصحية والاقتصادية المحتملة.


