الفيضانات الزانكلية: واحدة من أكثر الأحداث الدراماتيكية في تاريخ الأرض

منذ حوالي 5.3 مليون سنة، شهدت الأرض واحدة من أكبر الفيضانات في تاريخها الجيولوجي، وهو ما يعرف بالفيضانات الزانكلية التي ملأت البحر الأبيض المتوسط. هذا الحدث الضخم لم يكن مجرد تحول جغرافي، بل كان له آثار عميقة على الحياة البحرية والجغرافيا في المنطقة.

الفيضان الزانكلي: بداية التحول الجغرافي

يعتقد العلماء أن الفيضانات الزانكلية نتجت عن تدفق هائل للمياه من المحيط الأطلسي عبر مضيق جبل طارق. قبل حوالي 6 ملايين سنة، كانت المنطقة مغلقة، مما أدى إلى تبخر البحر المتوسط جزئيًا وترك حوضين منفصلين في الشرق والغرب. هذا الوضع خلق الظروف المثالية لكارثة عندما اخترق المحيط الأطلسي مرة أخرى المضيق.

عندما حدث الاختراق، كانت المياه تتدفق بسرعة تصل إلى 67 ميلًا في الساعة، مما أسفر عن تشكيل قنوات تحت الماء وبعض الجزر التي نعرفها اليوم. كما أدى هذا الفيضان إلى القضاء على أكثر من 95% من الأنواع البحرية المعروفة في ذلك الوقت.

أدلة جيولوجية: من الملح إلى الرواسب

كان العلماء يعتمدون في الأصل على ترسبات الملح السميكة في قاع البحر المتوسط كدليل على هذه الفيضانات. لكن في عام 2018، اكتشف الباحثون ترسبات ضخمة من الرواسب جنوب شرق صقلية وشرق مالطا، والتي تشبه تلك التي خلفتها الفيضانات الكبرى. كما تم العثور على وادٍ تحت الماء يُعتقد أنه نُحت بفعل تلك الفيضانات.

بالإضافة إلى ذلك، توصلت الدراسات الحديثة إلى وجود تلال ممتدة في جنوب صقلية، تتماشى مع اتجاه تدفق الفيضان. هذه الأدلة تعزز الفرضيات حول شدة وتأثير الفيضانات الزانكلية.

التأثيرات البيئية والبيولوجية

لم تكن الفيضانات الزانكلية مجرد حدث جيولوجي، بل كان لها تأثيرات ضخمة على التنوع البيولوجي. من بين 2,006 نوعًا بحريًا كان يعيش في البحر المتوسط حينها، نجا فقط 86 نوعًا من الانقراض. هذا الفقدان الهائل للتنوع البيولوجي يعكس مدى قوة الفيضان وقدرته على تغيير الأنظمة البيئية.

علاوة على ذلك، يعتقد العلماء أن الفيضان أثر على تطور أوروبا وشمال أفريقيا جيولوجيًا وبيولوجيًا، وقد يكون له دور في تغييرات مناخية واسعة النطاق.

الخاتمة

الفيضانات الزانكلية ليست فقط حدثًا جيولوجيًا مثيرًا، لكنها تقدم لنا نظرة ثاقبة على كيفية تطور الأقاليم الجغرافية والحياة على الأرض. في ظل تحديات تغير المناخ اليوم، يمكننا أن نتعلم الكثير من هذا الحدث القديم حول تأثير الفيضانات الكبرى على الكوكب وكيفية الاستعداد لمثل هذه الأحداث في المستقبل.

Scroll to Top