الحرارة في المدن قد تكون أعلى بكثير مما تقوله تطبيقات الطقس

تشير أبحاث جديدة إلى أن درجات الحرارة التي تبلغها تطبيقات الطقس قد لا تعكس الواقع بدقة، خصوصًا في المناطق الحضرية المحرومة اقتصاديًا. في هذه الأحياء الفقيرة التي تفتقر للمساحات الخضراء وتحتوي على كثافة سكانية ومبانٍ أكثر، يُلاحظ ما يعرف بظاهرة “جزر الحرارة الحضرية” – وهي أن هذه المناطق تكون أكثر سخونة بشكل ملحوظ من المناطق الغنية.

لكن المشكلة لا تقف عند هذا الحد. بحسب فريق من مهندسي البيئة في جامعة ديوك، فإن الأدوات العلمية المجتمعية المستخدمة لجمع بيانات الحرارة تميل إلى تقليل حجم المشكلة. وتعتمد معظم تطبيقات الطقس اليوم، مثل Weather Underground، على محطات طقس شخصية موزعة في مختلف الأحياء، لكنها في الغالب مركّزة في المناطق الثرية بسبب تكلفة اقتنائها، مما يترك المناطق الفقيرة غير ممثلة تمثيلًا كافيًا في هذه البيانات.

نقص البيانات يؤدي إلى قراءات غير دقيقة

المفارقة هنا أن الفئات الأكثر تعرضًا لخطر الحرارة الشديدة – مثل الأطفال وكبار السن والمحرومين اقتصاديًا – هم الأقل تمثيلًا في بيانات الطقس التي يعتمد عليها صناع القرار، سواء لتحديد درجات الحرارة أو للتخطيط لموجات الحر.

وتقول الباحثة مارلي بلاك: “الحرارة الشديدة تؤثر أيضًا على جودة الهواء، مما ينعكس مباشرة على صحة الجهاز التنفسي والقلب، وخصوصًا بين الفئات الهشة من السكان”.

لمعالجة هذا القصور، وضع الباحثون في جامعة ديوك حلاً إحصائيًا مبتكرًا: عبر تحليل بيانات استمرت لأربع سنوات من Weather Underground، ثم مقارنتها بمستويات الدخل في مختلف مناطق ولاية نورث كارولينا، لاحظوا أن المحطات الجوية كانت أكثر شيوعًا في الأحياء المتوسطة والثرية. وبهذا الارتباط بين التوزيع والدخل، تمكنوا من تصحيح البيانات باستخدام نموذج إحصائي.

تحقق عملي من دقة النموذج

لاختبار دقة طريقتهم، قارن الباحثون النتائج بنظام وطني مستقل يُعرف باسم “النظام الوطني المتكامل لمعلومات صحة الحرارة” (NIHHIS)، الذي أجرى حملة شاملة في 15 مدينة أمريكية في عام 2021، منها دورهام ورالي في ولاية نورث كارولينا. في هذه الحملة، قام متطوعون بأخذ قراءات دقيقة للحرارة والرطوبة في مختلف أنحاء المدينة طوال يوم كامل.

عندما طبق فريق ديوك تصحيحاتهم على بيانات Weather Underground لنفس اليوم، وجدوا أن النتائج أصبحت أقرب بكثير إلى تلك التي جمعتها حملة HeatWatch. وكانت هذه النتائج المعدلة أكثر دقة خصوصًا في الأحياء التي لا تحتوي على أي محطات طقس شخصية – والتي صادف أنها كانت الأحياء الأشد حرارة.

النتيجة: بيانات أدق لمجتمع أكثر عدالة

يقول البروفيسور ديفيد كارلسون: “عملنا يثبت أنه يمكن إجراء تصحيحات ذكية لتحسين قراءات حرارة المدن، مما يساعد في تحديد جزر الحرارة الحضرية بدقة أكبر”.

كما يؤكد الباحثون على ضرورة نشر المزيد من محطات الطقس في المناطق المهمشة، حتى يكون لدى الجميع، بغض النظر عن موقعهم الجغرافي أو دخلهم، فهم أوضح لمدى سخونة بيئتهم.

ويختم الباحثون بالتحذير من أن الاعتماد على بيانات غير مكتملة قد يؤدي إلى قرارات غير عادلة أو غير فعالة فيما يتعلق بالاستجابة لموجات الحر المستقبلية – وهي مسألة تصبح أكثر إلحاحًا في ظل التغير المناخي المتسارع.

الخاتمة

تكشف هذه الدراسة عن جانب مظلم في بيانات الطقس اليومية التي نعتمد عليها – وهو أن الفجوة في البيانات قد تعني فجوة في الحماية والعدالة المناخية. من خلال دمج الإحصائيات الذكية ونشر التكنولوجيا بشكل أكثر توازنًا، يمكن للمجتمعات الحضرية أن تبدأ في مواجهة آثار الحرارة الحضرية بصورة أكثر إنصافًا وفعالية.

Scroll to Top