تُعد التوقعات المناخية أحد الأدوات الأساسية لفهم التغيرات البيئية التي يشهدها كوكبنا. وبينما تتطلب عملية التحقق من دقة هذه التوقعات صبرًا ووقتًا طويلين، فإن استعراض ما تحقق من هذه التوقعات يمكن أن يقدم لنا نظرة ثاقبة حول مدى قدرة النماذج المناخية القديمة على فهم التغيرات المناخية المستقبلية.
النجاح المذهل للنماذج المناخية القديمة
أعرب البروفيسور توربيورن تورنكفيست، أستاذ الجيولوجيا، عن دهشته من دقة التوقعات المناخية المبكرة، خاصة بالنظر إلى بساطة النماذج المستخدمة في تلك الفترة مقارنة بما هو متاح اليوم. ويرى تورنكفيست أن هذه الدقة تمثل دليلًا قويًا على أن البشرية قد فهمت منذ عقود ما يجري من تغيرات مناخية.
وفي هذا السياق، أشار إلى أن هذه التوقعات كانت قادرة على تقديم أدلة قوية حول دور الإنسان في التغير المناخي، مما يعزز من مصداقية النماذج الحالية في إسقاطاتها المستقبلية.
التحديات الحديثة في التوقعات المناخية
على الرغم من الإنجازات المحققة، يبرز تحدي جديد يتمثل في ضرورة تحويل المعلومات العالمية إلى توقعات تتناسب مع الاحتياجات الخاصة للمناطق المختلفة. أشار الأستاذ سونكي دانغيندورف إلى أن مستوى سطح البحر لا يرتفع بشكل متساوٍ في جميع أنحاء العالم، إذ يتفاوت بشكل كبير بين المناطق.
يعتمد تحليل هذه التغيرات الإقليمية على البيانات التي توفرها بعثات الأقمار الصناعية التابعة لناسا وبرامج مراقبة المحيطات التابعة للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي. ويعد استمرار هذه الجهود أمرًا بالغ الأهمية لاتخاذ قرارات مستنيرة تخدم المجتمعات الساحلية.
أهمية الأقمار الصناعية في مراقبة مستوى سطح البحر
بدأ عصر جديد من مراقبة التغيرات في مستوى سطح البحر مع إطلاق الأقمار الصناعية في أوائل التسعينيات لقياس ارتفاع سطح المحيط. أظهرت هذه الأقمار أن معدل ارتفاع مستوى سطح البحر العالمي منذ ذلك الوقت بلغ حوالي ثُمن بوصة سنويًا. ومع مرور الوقت، أصبح من الممكن الكشف عن تسارع هذا المعدل.
في أكتوبر 2024، أكد باحثو ناسا أن معدل ارتفاع مستوى سطح البحر قد تضاعف خلال هذه الفترة التي امتدت لثلاثين عامًا، مما أتاح الفرصة لمقارنة هذه النتائج بالتوقعات التي تم وضعها في منتصف التسعينيات.
دروس من الماضي للتوقعات المستقبلية
في عام 1996، نشرت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ تقريرًا توقع أن يرتفع مستوى سطح البحر العالمي بحوالي 8 سم خلال الثلاثين عامًا القادمة، وهو ما تحقق بالفعل تقريبًا. ومع ذلك، فقد قلل التقرير من دور ذوبان الصفائح الجليدية بشكل ملحوظ.
تكشف هذه الصعوبات السابقة في التنبؤ بسلوك الصفائح الجليدية عن ضرورة أخذ احتمالات انهيارها بعين الاعتبار في التوقعات المستقبلية، رغم عدم اليقين بشأنها.
الخاتمة
توفر دراسة هذه التوقعات المناخية القديمة والحديثة فهمًا أعمق للتغيرات المناخية العالمية. إن نجاح التوقعات القديمة في التنبؤ بمستوى سطح البحر يعزز الثقة في النماذج المناخية ويبرز أهمية الاستمرار في الجهود البحثية لمواجهة التحديات المناخية المستقبلية.