في خطوة كبيرة نحو فهم أفضل لكوكبنا، أطلقت وكالة الفضاء الأوروبية (ESA) قمرها الصناعي الجديد Biomass، الذي يقدم رؤى جديدة ومبتكرة عن الغابات والنظم البيئية على الأرض. باستخدام تقنيات الرادار المتطورة، يهدف القمر الصناعي إلى دراسة وتحليل التغيرات في الكتلة الحيوية الخشبية للغابات، مما يساعد العلماء على مراقبة ظواهر مثل إزالة الغابات وتدفق الكربون.
أهمية مهام القمر الصناعي Biomass
بدأت مهمة القمر الصناعي Biomass في يونيو، حيث أطلقت ESA الصور الأولى التي تُظهر قدرته على الرؤية من خلال الغطاء النباتي الكثيف لدراسة الغابات والنظم البيئية بطرق لم تكن ممكنة من قبل. يُعتبر هذا القمر الصناعي مشروعًا لمدة خمس سنوات يهدف إلى مسح الغابات في أنحاء العالم بهدف تقدير الكتلة الحيوية الخشبية بدقة.
من خلال قياس المواد الخشبية وكيفية تغيرها بمرور الوقت، يمكن للعلماء مراقبة اتجاهات إزالة الغابات وتتبع تدفق الكربون عبر النظم البيئية، مما يعزز فهمنا للتغير السريع في المناخ على كوكب الأرض.
تفاصيل الصور والبيانات
أظهرت الصور الأولى التي التقطها القمر الصناعي جزءًا من غابات الأمازون المطيرة في بوليفيا، حيث تُظهر كل لون خصائص مختلفة للنظام البيئي: الأسود للأنهار والبحيرات، والوردي للأراضي الرطبة والفيضانات، والأخضر للغابات المطيرة، والأرجواني للمراعي.
تُعتبر بوليفيا واحدة من الدول العشر الأولى في فقدان الغطاء الشجري بين عامي 2001 و2024، حيث فقدت ما يعادل 15% من إجمالي الغطاء الغابي الذي كان لديها في عام 2000. تُساهم الصور والبيانات المرتبطة بها في تمكين الباحثين من تتبع إزالة الغابات وتأثيراتها على النظم البيئية المحلية والعالمية.
التكنولوجيا المتقدمة وراء Biomass
يستخدم القمر الصناعي أداة رئيسية هي الرادار ذو الفتحة الاصطناعية P-band، الذي يتميز بطول موجاته الأكبر من المستخدم عادة، مما يسمح له بالمرور عبر طبقات الغطاء النباتي والتربة والمواد الأخرى لإنشاء خرائط ثلاثية الأبعاد دقيقة.
هذه التقنية تُستخدم لأول مرة في المراقبة الأرضية المدارية، بسبب التحديات الهندسية والدبلوماسية، نظراً لأن تردد الراديو P-band محجوز عادة لأنظمة الكشف عن الصواريخ الأمريكية والأوروبية.
الاكتشافات الجيولوجية والبيئية
لا يقتصر دور القمر الصناعي Biomass على دراسة الغابات فقط، بل يمتد ليشمل دراسات بيئية أخرى. على سبيل المثال، يمكن للرادار الخاص به اختراق الجليد وجمع معلومات عن هيكل و حركة الصفائح الجليدية، مما قد يوفر فهمًا أعمق للعوامل التي تتحكم في انزلاق الأنهار الجليدية إلى البحر.
كما يتيح القمر الصناعي دراسة العوامل الطبوغرافية في مناطق مثل صحاري تشاد والصحاري الحضرية، حيث يمكنه الكشف عن تفاصيل جيولوجية قديمة مثل قيعان الأنهار والبحيرات الجافة المدفونة تحت الرمال المتحركة.
الخاتمة
يمثل القمر الصناعي Biomass خطوة مهمة نحو تحسين فهمنا للنظم البيئية على كوكب الأرض. من خلال تقديم رؤى جديدة عن الغابات والبيئات الأخرى، يساعد هذا القمر الصناعي العلماء على مراقبة التغيرات البيئية والمناخية بشكل أكثر دقة. إن استخدام التقنيات المتقدمة مثل الرادار P-band يعكس التحول النوعي في كيفية دراسة كوكبنا، مما يتيح فرصاً جديدة لحماية الأرض وفهم أفضل لتغيراتها المستمرة.